الخميس، 22 مايو 2008

نظام البطاقات من الشرق … مرة أخرى

ملاحظة: سبق أن كتبت مقالة لنفس الموضوع بعنوان "نظام البطاقات من الشرق" لكنني أعيد كتابتها مع إضافة المزيد من التفاصيل.

إذا سمعت أي شخص يقول بأننا في عصر رقمي ولم يعد أحد يستخدم الورق فأنا أعطيك إذناً مني بضربه على رأسه لكي يدرك أننا ما زلنا في عالم يعتمد على الورق كثيراً، أو من الأفضل أن تخبره عن مئات الأمثلة لأناس رفعوا الراية البيضاء وأدركوا أن الحواسيب اليوم بأنظمة تشغيلها ما هي إلا أجهزة كبيرة لاستهلاك الوقت والروح، فهي تحوي كل شيء يمكنه أن يدمر إنتاجيتك وإن كنت من مستخدمي ويندوز فأنا أشفق عليك.

نعم يمكنك أن تتحكم بالنصوص وتحركها وتقصها وتفعل بها ما تشاء، ولا تحتاج إلى مساحة في غرفتك لحفظ هذه النصوص، ولا تحتاج لمسح الغبار عنها بين حين وآخر، لكنك بحاجة لإنشاء نسخة احتياطية منها بين حين وآخر لأن الحاسوب قد ينهار لأي سبب ويتحول لثقب أسود يجر روحك ويمزقها فلا تعود كما كنت، حدث هذا لبعض الناس في العالم والنتيجة أن بعضهم فقد وظيفته أو شركته أو رسالة الماجستير فلم يعد لإعادة كتابتها مرة أخرى، وبعضهم لم يتحمل الخسارة فأضاف لها نفسه حيث جرب ولمرة واحدة القفز من مكان عال جداً، تجربة مريعة لمن سيشاهد الجثة المحطمة.

صناعة الحاسوب تطورت وأصبحنا نعتمد عليها في إدارة شؤون حياتنا، الحواسيب تنظم السير في الطرق للسيارات وفي الجو للطائرات، تتحكم بمحطات الطاقة النووية وغير النووية، تدير شبكات الهاتف فتسمح للناس بإرسائل آلاف النكت عبر الأثير وملايين الدراهم لشركات الاتصالات، لكنها لا زالت غير قادرة على توفير وسائل مناسبة لتنظيم أعمال الناس وتنظيم قواعد المعرفة.

هناك مئات البرامج لتنظيم الأعمال والمعرفة لكنها جميعاً تعاني من عيوب تجعلها غير مناسبة لبعض الناس وهذا أمر متوقع فليس هناك حل واحد لكل الناس، لكن هناك من يذهب أبعد من ذلك ويقول بأن كل الحلول التي يقدمها الحاسوب لا تناسبه.

لذلك لا زال البعض يفضل الأسلوب القديم، الورق والقلم، يمكنك أن تلمس الورق، أن تشعر به، هذا ما لا يمكن لأي حاسوب أن يقدمه، وهناك طلبة وباحثون في مختلف جامعات العالم قاموا بتطوير أفكار وأبحاث تجعل الحاسوب يقدم نفس الشعور، بأن تحمل مثلاً صورة لصديقك وتضعها على الشاشة فتظهر بياناته أو رسائله الإلكترونية، لكن هذا الأفكار لن تطبق مهما كانت رائعة ما دام أن لدينا مؤسسات تهتم بالأرباح أكثر من الابتكار وتلبية حاجات الناس.

لندع الحاسوب وعالمه خلفنا قليلاً ولنذهب للشرق ... إلى اليابان.

بطاقات ورقية صغيرة

إذا زرت مكتبة عامة كبيرة ففي الغالب ستجد هناك قسماً خاصاً يحوي خزانات بأدراج صغيرة، كل درج فيه عشرات البطاقات التي ترتب أسماء الكتب أبجدياً، وكل بطاقة تحوي اسم الكتاب والمؤلف وموقعه في المكتبة، بطاقات الفهرسة هذه تسمى بالإنجليزية Index card.

هذه البطاقات الصغيرة يمكن استخدامها بأشكال مختلفة، فالباحثون حول العالم يستخدمونها لتنظيم أبحاثهم وجمع البيانات، وبعض الكتاب يستخدمونها لتنظيم عملية تأليف الكتب، وفي اليابان هناك شخص يستخدمها لينظم حياته ويجمع المعرفة.

Hawk Sugano باحث ابتكر نظاماً بسيطاً لتنظيم المعرفة وأعماله يعتمد على البطاقات، عرفته وتابعته من خلال صوره التي ينشرها في موقع فليكر منذ عامين، ورأيت كيف تطور نظامه وانتشرت فكرته بين الناس، أظن أنه نظام يستحق أن نطلع عليه لعل أحدنا يستفيد منه.

فكرة النظام بسيطة:

  • سجل كل شيء على بطاقات ورقية.
  • ضع هذه البطاقات في صندوق ورتبها من الأقدم إلى الأحدث الأحدث إلى الأقدم.
  • مع مرور الزمن ستتكون لديك قاعدة معرفة يمكنك من خلالها إنتاج المقالات والكتب والأبحاث وأي مشروع آخر.

هناك أساسيات للنظام تبقيه بسيطاً وفعالاً:

  • لا تعقيد، البطاقات ترتب زمنياً ولا يوجد تصنيف ولست بحاجة لإجراء بحث عن أي بطاقة، ضعها في الصندوق واتركها، ستعود لها لاحقاً.
  • جمع كل الأفكار والمعلومات والأعمال.
  • كل بطاقة تحوي معلومة صغيرة.
  • هناك أربع أنواع للبطاقات:
    • سجل (Record): وهي لتسجيل أي شيء يتعلق بك، يوميات، الطقس، الصحة، شؤون مالية، ملاحظات.
    • اكتشاف (Discovery): لتسجيل أفكارك وأي شيء تكتشفه أو تفهمه.
    • أعمال (GTD): أي شيء يجب عليك أن تنجزه، GTD هي اختصار Getting Things Done، وهو نظام منفصل وله كتاب ومئات المقالات، ابحث في غوغل.
    • استشهاد (Cite): المقصود هنا أي فكرة أو حكمة أو مثال أو معلومة أو حتى وصفت طبخ وجدتها في كتاب أو من أي مصدر آخر، من الضروري أن تكتب اسم المصدر فبدونه تكون هذه البطاقة غير مفيدة.

لكل بطاقة علامة توضع في أعلى البطاقة تبين نوعها، ومع كتابة العديد من البطاقات ستلاحظ أنها النظام أصبح متخماً فكيف تستفيد من كل هذه المعلومات؟ هنا يأتي دور البحث والتصنيف، أو ما يسمه الباحث Task force ولا أعرف كيف أترجم هذا الاسم.

تصور مثلاً أنك تريد أن تألف كتاباً، عليك أن تبحث عن البطاقات التي ستفيدك عند الكتابة، اجمعها ورتبها في مجموعات وضع عنواناً لكل مجموعة، قد تحصل على مئات البطاقات ومن غير العملي أن تعيدها إلى الصندوق، هنا يمكن إحالة هذه البطاقات إلى التقاعد! ضعها مصنفة في صندوق آخر، هكذا تقلل عدد البطاقات في الصندوق الأساسي.

البطاقات ليست غاية بل وسيلة، لذلك لا يمكن الاستفادة من هذا النظام إذا لم نمارس عملية الجمع والتصنيف بين حين وآخر.

هذه نظرة سريعة على نظام مختلف للاستفادة من المعرفة، للمزيد من التفاصيل زر الويكي الخاص بالنظام ففيه كثير من التفاصيل.