عندما تأتي تقنية أو فكرة قبل الوقت المناسب فإنها في الغالب إما تموت أو تصبح مغمورة ولا يتحدث عنها أحد، بعد ذلك تأتي شركة كبيرة وفي الوقت المناسب وتحرك أجهزتها التسويقية لكي تعلن أمام الناس عن أحدث التقنيات التي لم يسبق لها مثيل، ولو دقق المرء قليلاً لعرف أن الكثير من تقنيات اليوم كانت أفكاراً قديمة وقد سبق إلى تنفيذها بعض الأفراد أو الشركات الصغيرة، لكن الشركات الكبيرة تخطف الأضواء بما تملكه من قوة تسويقية.
من هذه الأفكار التي بدأ الناس يطالبون بها فكرة الحواسيب البسيطة الصغيرة غير المكلفة، بين عامي 2000م و2001م ظهرت العديد من هذه الأجهزة، مثل [سوني إي فيلا](http://en.wikipedia.org/wiki/Sony_eVilla) و[ثري كوم أودري](http://en.wikipedia.org/wiki/3Com_Audrey) كومباك آي باك، كانت هذه الأجهزة تستهدف أناساً يريدون حواسيب للوصول إلى الشبكة وتصفحها واستخدام البريد الإلكتروني ولا بأس إن كانت هناك تطبيقات بسيطة مثل محرر نصي ومستعرض صور ومشغل ملفات صوتية، هذا كل شيء.
لكن الفكرة لم تنجح في السابق لأسباب عديدة، كانت الحواسيب البسيطة غالية السعر، بطيئة ومواصفاتها غير مشجعة، لم تكن خطوط الاتصال السريعة متوفرة بشكل كبير كما هو الحال اليوم، لم تكن تقنيات الحاسوب متطورة كما هي اليوم، وتقنيات الأمس التي كانت مرتفعة السعر أصبحت أقل سعراً اليوم.
لكن ما المشكلة في الحواسيب اليوم؟ مشاكلها كثيرة، في البداية المعالجات سريعة وتنتج حرارة كبيرة، هذه الحرارة تتطلب تهوية جيدة ومراوح تبريد، أي إزعاج متواصل ما دام الحاسوب يعمل، وغبار يتراكم مع مرور الأيام حتى يصبح سبباً للمشاكل، أضف إلى ذلك استهلاك كبير للكهرباء، ومواصفات عالية قد لا يحتاجها الكثير من الناس، وهذا كله لا يقارن بما يواجهه الناس من مشاكل ويندوز الأمنية، فايروسات وبرامج تجسس وانهيار للنظام وضياع للبيانات ثم فورمات ... وتتكرر القصة.
الكثير من الناس حول العالم لا يحتاجون هذه الحواسيب، بل يحتاجون حواسيب صغيرة بسيطة تؤدي ما عليها دون مشاكل، فمثلاً مقاهي الإنترنت ستستفيد من هذه الحواسيب لأنها غير مكلفة ولا تحوي الكثير من البرامج ومتخصصة فقط في الاستفادة من الشبكة وخدماتها، وهي لا تعاني من المشاكل الأمنية بالتالي ستكون تكلفة صيانتها قليلة أو معدومة.
كبار السن والأطفال والناس الراغبين في أجهزة بسيطة سيجدون أن هذه الأجهزة تؤدي ما يريدون دون أن تضيف خصائص لا يريدونها، دون أن تعقدهم بمشاكل أمنية أو تتعطل بسبب تراكم الغبار أو ازدياد الحرارة، أجهزة خالية من كل ما يمكن أن يجعل استخدامه صعباً معقداً، فقط قم بتوصيل سلك الكهرباء وشغل الجهاز وسيعمل كل شيء بشكل جيد بدون الحاجة تعديل أي شيء.
هذا ما يحتاجه الكثير من الناس اليوم، وأنا واحد منهم، أريد حاسوباً بسيطاً لا يحوي الكثير من الخصائص ويؤدي المهمات اليومية بدون مشاكل، أعني بالمهمات اليومية:
* تصفح الشبكة.
* الرد على البريد الإلكتروني.
* الكتابة في المدونة.
* كتابة المقالات والتقارير.
* قضاء بعض الوقت في ألعاب بسيطة.
* قراءة خلاصات RSS.
* الاستماع للأناشيد والمحاضرات.
* مشاهدة أفلام فيديو.
كل هذه المهمات وغيرها لا تحتاج إلى معالجات سريعة أو ذاكرة كبيرة أو قرص صلب كبير، مع ذلك نشتري حواسيب مواصفاتها تفوق حاجتنا وتتعطل كثيراً.
اليوم هناك خيارات قليلة لاقتناء حواسيب بسيطة، فإما أن تشتري أجهزة قديمة توقف إنتاجها من موقع eBay أو تشتري أجهزة مثل [AMD Pic](http://www.amdboard.com/pic.html) و[نوكيا 770](http://en.wikipedia.org/wiki/Nokia_770_Internet_Tablet)، لكن الجهازين حتى الآن حسب علمي لم يعرضا للبيع لدينا، جهاز AMD يعمل بنظام ويندوز سي إي والكثير يتسائلون عن سبب هذا الاختيار، فمن المفترض أن يكون لينكس خيار أقل سعراً لمثل هذه الأجهزة، جهاز نوكيا يعمل بنظام لينكس وبواجهة GTK ونظرياً الجهاز يدعم العربية لكن عملياً لم أجد أي شيء يشير إلى دعم اللغة العربية، والجهاز يتصل بالشبكة لا سلكياً، لذلك من كان لديه شبكة لا سلكية في منزله أو العمل يمكنه أن يستفيد من الجهاز.
مع وجود هذه الأجهزة، لا زال السوق بحاجة إلى خيارات أخرى، لكن الذي يمنع الشركات من إنتاج هذه الأجهزة هي تجاربها السابقة قبل خمسة أعوام، أضف إلى ذلك أن الحواسيب العادية أصبحت منخفضة السعر إلى حد كبير، وهناك الحواسيب الكفية التي تقدم خصائص كثيرة مقابل سعر مناسب.