توقفنا عند محطة الوقود لصلاة العصر، خرجت من السيارة وأغلقت الباب لأشاهد انعكاس صورتي على نافذة باب السيارة، رأيت صلعة تلمع فتذكرت "الغترة" أو غطاء الرأس الذي لم ألبسه حتى الآن، غطيت لمعان الصلعة وذهبت ولحقني أخي.
دخلت المسجد وأنا أظن أنني سألحق على صلاة الجماعة، وجدت من ينظر إلي وما إن اقتربت حتى طلب مني أن أصلي بهم، فما كان إلا أن أقمت الصلاة وتقدمت، لا أدري لماذا وافقت هكذا بسهولة، ولا أدري لماذا طلب مني الرجل أن أكون الإمام فهناك غيري من يستطيع ذلك، مع ذلك صليت بهم، وهذا المقام يخيفني ... بل يرعبني، لا مشكلة لدي أن أقف أمام جمهور كبير وأتحدث، هذا ما تعودت عليه، أم أن أكون إماماً في صلاة فهذا ما زال يخيفني وسيبقى.
في دبي استقبلنا زحام السيارات ومشاريع تبنى ولافتات إعلانية في كل زاوية، وصلنا إلى قرية المعرفة وذهبنا مباشرة إلى مكتب مجموعة الإمارات للإنترنت حيث لم أجد إلا شخصاً واحداً وليعذرني لأنني لا أتذكر اسمه الآن، لعل أحداً لم يحضر حتى الآن، فذهبنا إلى قاعة المحاضرة وهناك وجدت البقية.
بعد التحية والسلام والكثير من "شحالك ... بخير الله يعافيك" جلسنا ننتظر، جاء الناس وجاء البعض مع أطفالهم، منظر لم نعتد عليه في مجموعة الإمارات للإنترنت لكن من المفترض أن يتكرر لأن المجموعة يجب أن تخدم جميع شرائح المجتمع.
جاء الأخ عبد العزيز والأخ عادل الزرعوني مؤسس منتدى سوالف، وكذلك الأخ مرشد الجناحي مؤسس موقع درب لخدمات التوصيل، وكذلك الأخ رؤوف شبايك وآخرون، وليعذرني البقية، أظن أن علي التدرب على تذكر أسماء الناس.
بعد صلاة المغرب تقلص عدد المقاعد الفارغة وأحضرنا بضعة مقاعد أخرى إضافية ومع ذلك بقي البعض واقفاً في آخر القاعة وقد كنت منهم، لم أرى هذا العدد من الحضور لأي نشاط خاص بالمجموعة، هذا أمر إيجابي، المحاضرة الماضية كان العدد قليلاً جداً واليوم لم يجد البعض مقعداً فارغاً، أليس هذا تقدم ملحوظ؟
قبل محاضرتي كان هناك إعلان عن الأسبوع الخليجي للإنترنت وعن اتحاد المواقع العربية، وبعد ذلك جاء دوري في الكلام.
بعد المحاضرة قضيت وقتاً طويلاً للذهاب إلى السيارة، فقد كنت أتحدث مع الأخ عبد العزيز والأخ شبايك ثم يمر علينا البعض فنتحدث قليلاً فأذكرهم أنني ذاهب فنمشي قليلاً ونتوقف، الكلام لا ينتهي!
باختصار، كان يوماً رائعاً وأتمنى أن يتكرر ويحضر المزيد من الناس.
ملخص المحاضرة
معظم وسائل الإعلام تكون حولها مجتمع من الناس يستخدمون هذه الوسيلة للتواصل، فمثلاً عندما اكتشفت تقنية الراديو استخدمت للتواصل اللاسلكي بين الناس، وهناك أفراد قاموا بإنشاء إذاعاتهم الشخصية وظهرت هواية الراديو وهي أن يستخدم المرء أجهزة خاصة لإرسال واستقبال إشارات الراديو فيتواصل مع آخرين حول العالم.
الإنترنت عندما اخترعت كان من أول استخداماتها هو التواصل بين مستخدميها عبر البريد الإلكتروني مع مرور الأيام ظهرت تقنيات مختلفة تعتمد على الإنترنت لتكوين مجتمعات إلكترونية.
- خدمة الدردشة IRC وهي تشبه خدمة المسنجر اليوم لكنها لا تحوي رسومات أو أي خصائص أخرى، فقط حوار نصي بين مجموعة كبيرة من الناس، ولا زالت هذه التقنية تستخدم حتى اليوم.
- خدمة الحوار Usenet، وهي تشبه المنتديات لكن لكي تشارك فيها عليك أن تستخدم برنامج البريد الإلكتروني، ولا زالت هذه التقنية تستخدم حتى اليوم، ويمكن لأي شخص البحث في مواضيع كتبت منذ عشرين عاماً أو أكثر ليجد الكثير من الفوائد في شتى المجالات.
- شبكات BBS وهي شبكات لا تعتمد على الإنترنت، وقد سبق أن كتبت سلسلة حولها: الجزء الأول، الثاني، الثالث، الرابع، الخامس.
- الألعاب، في الماضي كانت الألعاب بسيطة وتتكون من نصوص فقط، اليوم أصبحت الألعاب الجماعية متقدمة جداً وتستخدم الرسوم والأبعاد الثلاثة، وهناك مجتمعات إلكترونية تدور حول الألعاب.
هذه كلها أنواع لمجتمعات إلكترونية لكن ما يهمنا منها هو النوع الذي يكثر لدينا في مواقعنا العربية، المنتديات، لنعترف أولاً أن لدينا مشكلة كبيرة في هذا الجانب.
في الأشهر القليلة الماضية كتبت عدة مقالات حول المنتديات، منها مقالتي بعنوان
الناسوخ والشاكور والتي أصف فيها أعضاء بعض المنتديات بأنهم آلات تنسخ وتشكر! وقد نشر موقع أبو نواف مقالة حول المواضيع المنقولة في المنتديات بعنوان
فضيحة العرب: يا ناقل يا منقول.
مشكلة النقل في المنتديات تكمن في أن البعض ينقل بدون فهم، ولا يستطيع نقاش الموضوع، أصبح النقل في حد ذاته هو الغاية وليس مجرد وسيلة، هناك أناس يكتبون فيأتي آخرون وينسخون، ويأتي آخرون وينقلون ما نسخه الناسخون من قبل، قد يضيفون بعض التعديلات، وفي بعض الأحيان تظهر نسخ مختلفة من نفس المقالة لكن لم يعد أحد يعرف مصدرها.
أحد أسباب كثرة النقل والنسخ أن عدد المنتديات أصبح كبيراً جداً، شخصياً خمنت أن عددها وصل إلى 200 ألف لكن هناك من أخبرني في المحاضرة أنها وصلت إلى مليون! لماذا ظهرت كل هذه المنتديات؟ أحد الأسباب هو أن إنشاء منتدى لا يكلف الكثير، 800 درهم يمكنها أن تعطيك:
- مساحة وعنوان.
- تصميم من تصاميم المنتديات المألوفة وربما سرق من منتدى آخر.
- برنامج المنتديات VB وفي الغالب غير مرخص.
- قائمة بريدية تحوي آلاف العناوين لإزعاج الجميع ودعوتهم إلى التسجيل في المنتدى.
- في الدقيقة الأولى من ظهور المنتدى ستجد فيه 2000 موضوع وأكثر من 500 عضو!
هذا أدى إلى ظهور عدد هائل من المنتديات والكثير منها بلا هدف أو تخصص، الكثير منها يمكن تصنيفها على أنها مواقع مهرجة، لأن تصاميمها تحوي كل أنواع الحركة وكل ما يشتت تركيز الزائر.
أين الحل؟
ليس هناك حل واحد، كتبت من قبل مقالة بعنوان المنتديات حلول مقترحة أذكر فيها حلولاً مختلفة، لكنني على يقين أن علينا إيجاد المزيد.
في المحاضرة عرضت مواقع تقدم أفكاراً يمكن تطبيقها لتكوين مجتمعات إلكترونية:
- منتدى Sitepoint، هذا المنتدى يقدم مثالاً جيداً لكيفية تصميم المنتديات، كذلك منتدى Vanilla الذي سبق أن كتبت عنه يقدم واجهة مختلفة للمنتديات تختلف عن القالب التقليدي.
- كتبت مقالة بعنوان التسجيل مجرد طبقة تعقيد أتحدث فيها عن فكرة المنتديات التي لا تحتاج إلى تسجيل، لماذا لا نجرب مثل هذه الفكرة؟ مجرد تجربة؟
- المجتمعات الإلكترونية لدينا تتشكل غالباً من المنتديات، لكن ما الذي يمنع من أن تكون بأي شكل آخر؟ لماذا لا تكون على شكل ويكي؟ أو مجتمع يدور حول نوع من المحتويات مثل الصوتيات أو الصور أو الفيديو؟ أو مجتمع يدور حول تخصص معين ويستخدم خدمات من مواقع مختلفة؟ لا شيء يمنع ذلك.