السبت، 21 يناير 2006

الكتاب الإلكتروني والفرصة الضائعة

الكتب الإلكترونية لم تنجح حتى الآن، لا زال الناس يقتنون الكتب الورقية لأسباب عدة، وسيبقون كذلك لسنوات طويلة، الكتاب الورقي منخفض السعر، خفيف الوزن، يمكنك أن تحمله معك إلى أي مكان بدون مشاكل، وبالتأكيد لا يحتاج أي بطارية أو سلك كهربائي، من سلبياته أنه يستهلك الورق، وهذا يعني قطع الأشجار، كذلك يأخذ مساحة كبيرة ويصبح وزنه ثقيلاً بإضافة بضعة كتب معه كما يحدث للطلاب في المدارس.

الكتب الإلكتروني له سوق، هناك طلب على هذه الكتب لكن الشركات لم تلبي بعد حاجة السوق بالشكل المطلوب، سوني لها تجربة مع كتاب إلكتروني في اليابان لم تنجح، والآن طرحت جهازاً جديداً في أمريكا متجاوزة بعض سلبيات تجربتها في اليابان، لكن الكثير من المواقع التي غطت هذا الخبر ذكرت أن سوني ستفشل أيضاً هذه المرة أو لن تحقق نجاحاً باهراً بسبب سعر الجهاز، فسعره يتراوح ما بين 300 إلى 400 دولار، وهذا سعر مرتفع، ويمكن بدلاً من شراء كتاب إلكتروني أن يشتري المرء حاسوباً نقالاً، أو يستخدم حاسوبه النقال الذي يملكه أصلاً.

من أسباب فشل الكتب الإلكترونية أنها أولاً تفرض حماية متطرفة على الكتب، فهي لا تقبل بأي كتاب إلا إذا كان يحوي تقنية DRM أو إدارة الحقوق الرقمية، لكي لا يقوم المشتري بنسخ الكتب بل عليه شراءها، وهذا من حق الشركة وحق المؤلفين، لكن هناك آلاف الكتب الإلكترونية المجانية، التي تأتي بعدة أشكال، بعضها يأتي في ملفات نصية، وبعضها الآخر في ملفات HTML وبعضها في ملفات PDF، والكثير من هذه الكتب تخضع لرخص قانونية حرة، أي يمكن لأي شخص أن ينسخها ويطبعها ويفعل بها ما يشاء، سوني لم تسمح لهذه الكتب أن توضع في جهازها Liber، ولذلك فشل في تحقيق مبيعات كبيرة في اليابان، مع أنه جهاز رائع، لكنها في الولايات المتحدة طرحت جهاز سوني ريدر الذي يمكنه عرض الكتب المجانية.

نأتي إلى السعر، أعتقد أن السعر المناسب لهذه الأجهزة يجب أن يكون أقل من 130 دولاراً وفي بعض الأسواق يجب أن يكون أقل من ذلك بكثير، يمكن لسوني أو أي شركة أخرى أن تقدم الجهاز بسعر رخيص على أساس أن تسترجع تكاليف صنع الجهاز من بيع الكتب،

أما بخصوص أسعار الكتب الإلكترونية، فلا بد أن تكون أقل من أسعار الكتب الورقية، ليس من المعقول أن يطرح الكتاب الرقمي بنفس سعر الكتاب الورقي، تكلفة نسخ الكتاب الرقمي تكاد تكون معدومة، في حين أن طباعة الكتب تكلف الكثير، وإذا لم تقم الشركات ببيع الكتب الإلكترونية بسعر منخفض لن يقبل الناس على شراءها.

هناك مشكلة ستظهر عندما تبدأ شركات أخرى في تقديم أجهزة الكتب الإلكترونية، وهي عدم توافق الملفات أو تقنية إدارة الحقوق الرقمية، فإذا اشترى المستخدم جهازاً من شركة سوني مثلاً فلن يستطيع شراء الكتب إلا من شركة سوني أو من شركاءها، نفس الأمر ينطبق على الشركات الأخرى، ما لم تتفق الشركات على معيار موحد لتقنية إدارة الحقوق الرقمية ستبقى فرصة انتشار الكتب الإلكترونية ضعيفة، أو ستأخذ شركة واحدة الحصة الأكبر في السوق وتترك الباقي لتتنافس عليه عدة شركات.

هناك فرصة كبيرة للكتب الإلكترونية، لأن وظيفتها ليس فقط تقديم كتب لقراءته بل محتويات مختلفة، تصور أنك تستطيع قراءة الصحف والمجلات في الكتاب الإلكتروني بدلاً من شراء النسخ الورقية، أضف إلى ذلك تقنية RSS وما يمكنه أن تقدمه من محتويات مختلفة، صور، أخبار، مقالات، قائمة الأعمال والمواعيد وغيرها من المحتويات، وإذا دخلت قطاع الأعمال يمكن للموظفين استعراض الوثائق الرسمية بدلاً من طباعتها واستهلاك كم كبير من الورق.

هناك فرصة كبيرة لم تستغل حتى الآن.