الجمعة، 30 مارس 2007

دعم خطوط ماك في مواقعنا

عندما يطور أحدهم موقعاً ما ففي الغالب سيختار خطوطاً معروفة لمحتويات الموقع، الخطوط العربية المتوفرة في نظام ويندوز أصبحت هي الأساس الذي نعتمد عليه لتحديد أنواع الخطوط، فهناك خط تاهوما (Tahoma) الذي أستخدمه في موقعي هذا، وهو خط جيد للقراءة بشرط ألا يزيد حجمه عن 14 بكسل، أما العناوين الكبيرة فيمكن استخدام خطوط أخرى مختلفة مثل Traditional Arabic.

ماذا عن نظام ماك؟ مع عودة شركة أبل القوية إلى الربحية وتطوير نظام تشغيلها وزيادة عدد منتجاتها وعودتها كذلك إلى الأسواق العربية ازداد عدد مستخدمي أجهزة أبل في العالم العربي ولا بد أن نهتم ببعض التفاصيل المهمة بالنسبة لهم، لا يعني ذلك أنني سأطلب منك أن تعيد النظر في موقعك بالكامل، فقط أضف دعم خطوط ماك في موقعك وهذا أمر سهل.

هناك موقع عربي متخصص بنظام ماك وهو موقع نظام ماك العاشر وقد طلبت من المسؤول عن الموقع أن يضع استفتاء للخطوط التي يفضلها مستخدمي ماك، والنتيجة هي حصول خط Geeza Pro على نسبة 52% من المشاركات ويليه خط Al Bayan الذي حصل على 32%.

الخط الأول يمكن استخدامه للنصوص الطويلة، والخط الثاني يمكن استخدامه للعناوين، هذا ما أقترحه، الآن كيف يمكن أن تضيف دعم هذه الخطوط في موقعك؟ الأمر بسيط إن كنت تستخدم تقنية CSS.

في ملف CSS ستستخدم في الغالب أمر font-family أو أمر font لتحديد نوع الخط، قم بإضافة اسم خط ماك بهذا الترتيب:

body {font-family: "Geeza Pro", Tahoma, sans-serif;}

الأمر بسيط إن كنت مطوراً للمواقع، إن لم تكن تعرف CSS أو لم تفهم أي شيء في هذا الموضوع فلا عليك، في المستقبل القريب سيكون هناك شرح لكل هذه التفاصيل الصغيرة البسيطة.

الخميس، 29 مارس 2007

صور من أندونيسيا

حسناً، موضوعي الأخير عن أندونيسيا لم يعد الموضوع الأخير! بل هذا هو الموضوع الأخير، أعدكم!

البعض طلب صوراً للرحلة وقد تأخرت في وضعها على الشبكة لأن فليكر محجوب - شكراً اتصالات! - وأردت طريقة ما لرفع صوري إلى فليكر فلم أجد وسيلة عملية سريعة، هناك خدمة تقدمها غوغل سأستخدمها كبديل حتى يعود فليكر ... هذا إن عاد.

الخدمة هي Picasa Web وهي توفر مساحة 1 غيغابايت مجاناً.

قبل أن تشاهدوا الصور أذكركم بأنني لم أمارس هذه الهواية منذ وقت طويل، الكثير من الصور لم ألتقطها بنفسي إذ كان السائق أسجد هو الذي يطلب مني الكاميرا عندما لا أستخدمها، على أي حال إليكم بعض الصور من الرحلة:



أحد شوارع بوغور





صورة داخلية للمسجد في بوغور، من اليمين: محدثكم، أبو عمر، عتبة ثم أحد سكان القرية.



المسجد الذي بناه محسن من الإمارات، على يمين الباب ستجدون شيئاً كالبالون معلقاً، هذا هو الطبل الذي حدثتكم عنه، وسترون القبة الفضية في أعلى المسجد ومعظم المساجد في أندونيسيا تستخدم هذه القبب الصغيرة الفضية.



في هذه الصورة ترون سيارة بجانب المسجد ومن خلفها منزل صاحب الأرض الذي تبرع بجزء من أرض منزله لبناء المسجد.



أرض خالية بجانب المسجد ونقاش حول كيفية استغلالها لإنشاء وقف للمسجد.



في طريقنا إلى بونشا، توقفنا فوق جسر لاتقاط بعض الصور.





حمار وحشي يطمع في المزيد من الجزر!



إنسان الغابة يأكل الجزرة بكسل!



المنظر الذي أراه من نافذة غرفتي في الفندق.

نعم ... يمكنكم التعليق أيضاً على هذا الموضوع، إضغط فقط على عنوان الموضوع لكي تصل إلى صفحة التعليقات.

لا أحد يجبرك على زيارتها

المدونات ليست مواقع شخصية، بل هي نوع من المواقع، قد تكون شخصية أو جماعية، قد تكون منوعة أو متخصصة، لكنها كلها تشترك في أسلوب واحد لعرض المحتويات، الصفحة الرئيسية تعرض المواضيع مرتبة من الأحدث إلى الأقدم، هناك رابط ثابت لكل موضوع يمكن الرجوع له دائماً، والمواضيع ترتب في أرشيف حسب تاريخ نشرها أو حسب تصنيفها أو بالأسلوبين معاً، أغلب المدونات تسمح لأي شخص أن يعلق على أي موضوع، وبعضها لا يفعل، بعضها يكتب عدة مواضيع في اليوم وبعضها يكتب موضوعاً واحداً في الشهر.

في هذا الموضوع أريد التحدث عن أفكار مختلفة حول التدوين، أريد أن أوضح بعض النقاط لأن وسائل الإعلام يبدو أنها لم تفهم جيداً ما هي المدونات وأخشى أنها قد تشكل صورة خاطئة عنها.

مدونات سطحية؟

يبدو أن البعض لديه قناعة أن المدونات الشخصية التي يكتب فيها أناس عن أنفسهم وأحداثهم اليومية هي مدونات سطحية، شخصياً كنت أنظر لها بهذه النظرة إلا أنني بدأت أدرك أنني أظلم فئة من الناس وهي بالمناسبة فئة كبيرة.

هناك أناس يكتبون عن أنفسهم لأصدقائهم أو للعائلة، بعضهم يعيش في بلاد الغربة وعائلته تعيش في بلد آخر، بعض الأسر تكتب في مدونة واحدة مع أن أفرادها يعيشون في بلدان مختلفة حول العالم، هؤلاء يكتبون في المدونات كوسيلة تواصل مع أقاربهم والأصدقاء، وسيلة أكثر فعالية وسرعة وأقل تكلفة من الهاتف، هؤلاء ليسوا بسطحيين فهم يستخدمون التقنية بشكل فعال لكي يبقوا على تواصل مع من يحبون.

هناك فئة من الناس يكتبون عن أنفسهم لأنهم يريدون مساحة للتفريغ، ربما يعيشون حياة صعبة أو حياة مملة لا حياة فيها، هؤلاء ربما لا يملكون شيئاً يكتبون عنه سوى أحداثهم اليومية الصغيرة، أحداث قد لا تهم أي شخص لكنها كل ما يملك هذا الإنسان، من الظلم أن نتهم هؤلاء بالسطحية، لأن هؤلاء بحاجة إلى من يقف معهم ويريهم الطريق نحو حياة ذات قيمة وفائدة.

من الظلم أن نتهم هؤلاء وغيرهم بالسطحية، الإنترنت فضاء مفتوح ولن يستطيع أي شخص أن يفرض قواعد محددة لإنشاء المدونات ويلزم جميع الناس باتباعها، علينا أن ندرك هذا وندرك أن لكل شخص منا حق الاختيار، إذا زرت أي موقع ولم يعجبك يمكنك بكل بساطة أن تخرج منه وتنساه ولست ملزماً بأن تحكم عليه بأي شيء.

نعم أشجع على أن يكتب المدون ما يفيد، نعم أشجع على التخصص والكتابة عن الأحداث اليومية والنزول إلى الشارع لمتابعة الخبر، لكن لا يشترط أن يفعل ذلك كل شخص، إن رأيت أن هناك من يكتب عن حياته اليومية وترى أن ذلك خطأ فقم بمراسلته وأخبره بأدب عن ذلك وأخبره عن الأشياء التي يمكن تحقيقها من خلال المدونة، أخبره أنه يستطيع أن يجعل مدونته أكثر فائدة وأكثر غناً، لكن لا تفرض عليه رأيك، لا تحاول أن تقنعه إن لم يوافقك الرأي، لست بحاجة إلى أن تحكم عليه بالسطحية إن طلب منك عدم التدخل في موقعه، أنت فعلت ما عليك فعله وانتهى الأمر.

التدوين المحلي

لا أرى أي مشكلة في أن يتحدث المدون عن بلده فقط ويوجه مدونته لمن يعيش في هذا البلد، لا يوجد قانون يلزم كل صاحب مدونة أن يكتب لكل العالم ولا يمكننا أن نلزم أحد، على العكس تماماً علينا أن نشجع الناس أن يكتبوا عن بلدانهم أكثر وأكثر لأن هذا مفتاح لمعرفة هذه البلدان، لا أظن أن وسائل الإعلام العربي نجحت حتى الآن في تقريب الشعوب العربية كما يمكن للمدونات أن تفعل، عندما يتحدث صاحب مدونة عن قريته أو مدينته والحي الذي يعيش فيه وأوضاع الناس فهو يعطينا صورة أكثر صدقاً وواقعية من الصورة التي ترسمها لنا وسائل الإعلام الأخرى.

المشكلة الوحيدة التي أراها في هذا النوع من التدوين هو اللغة، بالنسبة لي اللغة العربية يجب أن تكتب بالعربية الفصحى وليس بأي لهجة أخرى، أود أن أزور بعض المواقع المصرية والسعودية والمغربية وغيرها لكن ما إن أجد أحدهم يكتب بلهجته المحلية حتى أخرج، حتى المدونات الإماراتي التي تكتب بلهجتنا لا أستطيع قراءتها وفهمها إلا ببطئ شديد.

أرى أنها مشكلة "قابلية وصول" فعندما تكتب باللغة العربية الفصيحة فأنت تعطي فرصة لجمهور أكبر بأن يتصفحوا موقعك ويفهموا ما تقوله.

متفرقات

  • مصطلح Weblog ظهر في 1997م أما تعريبه إلى مصطلح المدونات فلم ينتشر إلا أواخر عام 2004.
  • المدونات لم تظهر منذ بداية الإنترنت كما قال أحدهم، في الحقيقة لم يكن هناك شيء اسمه شبكة الويب عندما ظهرت شبكة الإنترنت، لكي نكون أكثر دقة علينا أن نقول: المدونات ظهرت منذ بداية شبكة الويب وإن لم تكن تسمى في ذلك الوقت بهذا الاسم، شبكة الويب هي جزء من شبكة الإنترنت.
  • الإعلام العربي يقتبس من المدونات، بعض وسائل الإعلام العربي تتخذ المدونات وسيلة للكتابة عن مواضيع حساسة، فهم لا يكتبون عنها بل يقولون أن المدون الفلاني كتب عن كذا وكذا، المدونات أكثر شجاعة في الطرح وفي بعض الأحيان أكثر حماقة.

الأحد، 25 مارس 2007

كيف حالك يا سعيد؟!

هذا هو موضوعي الأخير عن رحلتي إلى أندونيسيا أنثر فيه بعض الأفكار المتفرقة.

لم أسافر كثيراً في الماضي، زرت صلالة ومحافظة ظفار في عمان ثلاث مرات، مرتين عن طريق البر ومرة بالطائرة، وذهبت إلى العمرة مرتين وزرت ألمانيا مرة واحدة وبالتحديد مدينة بون، في كل رحلاتي هذه كنت أتطلع للعودة حتى قبل أن أخرج من المنزل، كنت أكره التغيير وتعب السفر وأكره الغربة وتغير كل شيء من حولي، ولم أشعر بهذا في رحلة أندونيسيا، كنت أريد البقاء وقضاء أسبوعين أو ثلاثة هناك، لأول مرة أشعر بأنني لا أرغب في العودة، هذا تغيير إيجابي.

في المواضيع الماضية كتبت عن أشياء كثيرة أعجبتني في أندونيسيا ولم أتحدث عن الفقر، كما أخبرنا عتبة مرافقنا في الرحلة، وصلت نسبة البطالة في الشعب الأندونيسي إلى ما يقرب من 30%، الكثير من الناس يعانون الفقر ولا يجدون طريقة لكسب العيش، فيلجأون للعمل في أي شيء، رأينا مثلاً بعض الشباب يقفون عند تقاطع الطرق الداخلية في القرى، هناك يكون الازدحام على أشده فيأتي أي شاب لينظم السير، ويقوم بعض سائقي السيارات بتقديم مبالغ مالية بسيطة لهذا الشاب.

أما العجائز ومن لم يستطع العمل فليس أمامهم سوى التسول وقد رأينا بعضهم أمام المسجد الذي صلينا فيه الجمعة، ورأينا بعض الناس يعيشون تحت الجسور، أي أنهم مشردون لا يملكون بيوتاً، الفقر والتشرد من أكبر الجرائم التي تمارس ضد أي إنسان، لأنهما يسلبان إنسانية المرء وتجعله يفكر فقط في حاجاته الأساسية أو يجعلناه غير مهتم بحياته أو حياة غيره، حانق غاضب من كل شيء حوله.

الجوع لمن لم يجربه مجرد شيء يشعر به بين وجبتي الإفطار والغداء، أم الفقراء فهم يشعرون به طوال اليوم، لعل بعضهم لا يأكل شيئاً لأيام، هل يستطيع أحدنا أن يصبر عن الطعام يومين؟

هذا البلد شأنه شأن الكثير من البلدان الإسلامية الأخرى، غني بالثروات وفيه طاقات هائلة لكنها معطلة بسبب حكومات فاسدة تتنافس على السلطة والثروة وقمع الشعوب، إجمع كل هذا في بلد واحد وأضف إليه الجهل بالدين والدنيا وستجد مكاناً مثالياً لتوليد الإرهاب.

مع كل ما قلته هناك دائماً فرصة لتصحيح الأوضاع، ونحن كمسلمين وعرب يمكننا أن نساهم بشكل إيجابي في تغيير الواقع إلى الأفضل، وعلينا أن نهتم بالمسلمين في أندونيسيا كما نهتم بالناس في بلداننا فهم إخواننا وما يضرهم يضرنا.

متفرقات

  • أخطأت حينما أخذت معي كتاباً يتحدث عن الحاسوب، وقد كنت أنوي قراءته في رحلة العودة ولم أفعل، في السفر والرحلات كتب الحاسوب والتقنية لا تصلح فعليك بقراءة كتب الأدب والرواية والتاريخ والمجلات المفيدة.
  • إذا كنت تنوي زيارة أندونيسيا فأنصحك بأن تأخذ معك شخصاً يعرف البلاد والأفضل أن يكون سائقاً، لأن قيادة السيارات هناك عملية صعبة، ثم أهل البلاد أدرى بشعابها وأعلم بالأماكن الجميلة.
  • إذا زرت أندونيسيا وأنت تلبس ما يدل على أنك عربي فتوقع أن يتحدث الناس معك وينادونك، أحدهم قال لي: كيف حالك يا سعيد؟! ولم أعرف كيف أرد عليه لأنني كنت مشغولاً بشيء آخر، كل ما في الأمر أن الناس يحبون التحدث بالعربية ويريدون التدرب عليها لذلك تحدث معهم فذلك يسعدهم.
  • لا تأكل شيئاً من طعام الشوارع، ستجد باعة كثر في الطرقات، إن كنت تهتم بصحتك فلا تتناول شيئاً من طعامهم، المطاعم والفنادق تقدم أطعمة مماثلة ونظيفة، طعام الشوارع يتعرض لدخان السيارات وأكثرها من نوع الديزل الأسود الثقيل.
  • العملة الأندونيسية - تسمى روبية - تأتي بفئات كثيرة، فهناك مئة ألف روبية وخمسين ألف، إحرص على أن تحمل معك الكثير من الفئات الصغيرة التي تبدأ من مئة روبية، ستفهم فائدة ذلك هناك.
  • هذه البلاد ملونة! أعلم أن قول ذلك غريب لكن ستفهم لماذا قلت ذلك لو زرتها أو زرت أي بلد آسيوي، الحافلات والشاحنات تلون بألوان مختلفة وبعضهم يرسم عليها صوراً وزخارف، إن كنت من محبي التصوير فلديك فرصة لتلتقط صوراً رائعة، ولمن يظن أن المسألة بسيطة هنا فعليه أن ينظر إلى روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة وكوريا الشمالية، هذه البلدان رمادية كئيبة!

أخيراً: يمكنكم التعليق على هذا الموضوع، استثناء صغير :-)

الخميس، 22 مارس 2007

في أندونسيا الموت أغلى من الحياة

خرجنا من بوغور وتوجهنا نحو قرية أخرى، الشمس غابت أو كادت تغيب واقترب موعد صلاة المغرب، في الطريق كان عتبة يتحدث مع أبو عمر عن مشروع وقف للأموات، هناك مشكلة تواجه الناس في أندونيسيا حيث أن الميت يكلف أهله الكثير من أجل الإعداد لجنازته ومكان دفنه، بعض الناس يدفنون موتاهم في بيوتهم، هناك تكاليف مختلفة تجعل الموت كما قال عتبة "أغلى من الحياة" ولذلك لا بد من التفكير في إنشاء وقف لمساعدة الناس على دفن موتاهم.

وصلنا إلى مسجد آخر ساهم الهلال الأحمر الإماراتي في بناءه، صلينا المغرب هناك جماعة مع جمع من الأخوة وفي الصف الثاني كان يصلي خلفنا مجموعة من الأطفال وقد كان بعضهم يعبث في الصلاة ويضحك، لكنني شخصياً لم أكن منتبهاً لكل هذا لأنني الآن لم أنم منذ ما يزيد عن أربع وعشرين ساعة.

بعد الصلاة قام الأستاذ أبو عمر بالحديث عن الأخوة بين المسلمين وعن واجب كل مسلم في الاهتمام بأمر المسلمين جميعاً، بعد حديثه قام الجميع وبدأ الأخوة الأندونيسيين بإنشاد الصلاة على النبي بلحن جميل، يغنون ويسلمون على بعضهم البعض، الصغار كانوا يرفعون أيدي الكبار نحو جباههم، يبدو أن هذه عادتهم بعد كل صلاة، أن يسلم الجميع على الجميع.

خارج المسجد المطر ينهمر وصوت الرعد نسمعه بين حين وآخر، مطر أندونيسيا يختلف عن المطر هنا في الإمارات، حبات المطر كبيرة كثيفة، وبما أن أندونيسيا تقع في منطقة استوائية فهي ترتوي من هذه الأمطار كل يوم تقريباً.

ركبنا السيارة وعدنا إلى جاكرتا، في الطريق كانوا يتناقشون حول المكان الذي سنتناول فيه طعام العشاء، كانت هناك خيارات مختلفة لكن الأستاذ أبو عمر أراد مطعماً عربياً ليكون قريباً من ذوقنا، فاختار الإخوة مطعماً يسمى السندباد، المطعم صغير ونظيف، اخترنا حجرة جانبية وبدأنا ننظر في قائمة الطعام، شخصياً لا أريد تعقيد نفسي بأي شيء، اخترت فقط مشاوي مشكلة وقد ظننت أنها شيء يشبه الذي أجده في بلادي.

جاء الطعام فوجدت أن المشاوي المشكلة لديهم تناسب أحجامهم، فهي أربعة أو خمسة أنواع من الكباب الصغير مع شيء من الجزر والخيار، أما الخبز فقد كان علي أن أطلبه أيضاً لأنهم لا يقدمونه كما تفعل مطاعمنا الشامية هنا.

هنا وصلت إلى مرحلة لم أعد أستطيع فيه التفكير، فأنا بحاجة ماسة للنوم الآن، انتهينا من الطعام ووصلنا إلى الفندق ثم إلى غرفتي لكن علي أن أقوم بالأعمال المعتادة قبل النوم، الاستحمام وتنظيف الأسنان وصلاة الوتر، لا أدري كيف قمت بهذه الأعمال لأنني كنت أشعر أن الغرفة تدور من حولي.

بعد أن انتهيت من كل هذا استلقيت على الفراش، لم أنم مباشرة ولم أهنأ بالنوم في هذه الليلة، فعند نومي كنت أحلم بأنني مستيقظ! فأستيقظ لأجد أنني كنت نائماً وما رأيته كان مجرد حلم! تكرر هذا مرات عديدة، بعد ذلك استيقظت وقد أخذت كفايتي من النوم، اتصلت بعامل الهاتف لأعرف الساعة فأخبرني أنها الثانية صباحاً، لدي وقت طويل حتى صلاة الفجر، قمت باستغلاله بالقراءة والتلاوة والنوم أيضاً لكن أفسد علي نومي أصوات شخصان يتجادلان بصوت عال جداً في غرفة مجاورة.

قبل صلاة الفجر بدأ الناس في بعض المساجد المجاورة بقراءة القرآن، لم يكن الصوت مسموعاً لدي بشكل واضح لكنه كان كافياً لأعرف أنهم يقرأون القرآن، ثم رفع الأذان وذهبت إلى غرفة أبو عمر للصلاة وعدت لأكمل نومي.

في اليوم الماضي اتفقنا على أن يأتي الأخ عتبة مع السائق في الساعة الثامنة، قبل هذا الوقت كنا نتناول طعام الإفطار ولم أتناول الكثير في هذا الوقت، لم أكن أشعر برغبة في تناول أي طعام، بعد ذلك انتظرنا لكن تأخر الأخوة علينا فاقترح أبو عمر أن نتجول خارج الفندق، فكرة لم أتقبلها لكن ذهبت.

أندونيسيا بلاد جميلة بلا شك، الطقس في الجبال بارد ورائع، أما شوارعها فهي ملوثة وحارة ولا أنصح أحداً بالتجول فيها، كان الجو رطباً خانقاً، أضف إلى ذلك دخان عوادم السيارات وهو في غالبه من نوع "الديزل" الأسود الثقيل، والشمس ساطعة حارة، ذهبنا إلى يمين الفندق أولاً وسرنا مسافة ثم دخلنا إلى حي سكني، في الحي هناك طريق ضيق تحفه المياه الجارية، أو كما سماه الأستاذ أبو عمر "ماء جاري" لكنه في الحقيقة "مجاري"، مياه قذرة تخرج من المنازل لتسير مسافة طويلة فتلوث الجو والأرض والأنهار، وصلنا إلى مسجد هناك وصلى أبو عمر صلاة تحية المسجد.

عدنا إلى الطريق العام ثم إلى الفندق ثم تجاوزنا الفندق، إزعاج السيارات والدراجات لا يحتمل، الجو خانق وملوث، طلبت أن نرجع للفندق وعدنا، ولم يتأخر عتبة والسائق كثيراً لنخرج في نزهة سياحية قصيرة.

أراد عتبة أن يذهب بنا إلى شلال وبحيرة بركانية حارة، وصلنا إلى منطقة تسمى "بونشا" كما أخبرني عتبة ولعلي لم أسمع الاسم جيداً، بدأنا في صعود الجبل والجو هنا أكثر برودة ونظافة، ثم وصلنا إلى طريق ترابي وسرنا مسافة بين الأشجار حتى أوقفنا عائق صغير، عمود كهرباء سقط نتيجة لانهيار طيني، كان بيننا وبين الشلال مسافة كيلومترين لم نرغب في أن نقطعهما مشياً، فعدنا وقررنا الذهاب إلى حديقة الحيوان تسمى تامان سافاري.

قبل الحديقة توقفنا لشراء حزم من الجزر، ولم أدري لماذا فعلوا ذلك لكن سرعان ما اتضح لي الهدف من هذا الجزر، فقد كنا نسير بالسيارة في الحديقة والحيوانات تتجول بحرية فيها، فنحن الذين نعيش في قفص والحيوانات هي التي تنظر لنا، ألتقينا أولاً بالحمير الوحشية، فتح عتبة النافذة ومد جزرة ليأكلها الحمار الوحشي، هل لاحظتم الوضع؟ نحن الذين نعيش في القفص ونحن أيضاً من نطعمها!

كانت إطعام الحيوانات أمراً ممتعاً، فقد رأينا اللاما التي كانت في بعض الأحيان تركض بجانب السيارة ثم تسبقها لتقف أمامها وتوقفنا لكي نطعمها، كان السائق أسجد يمازح عتبة بأن يفتح النافذة بالكامل فتدخل اللاما رأسها داخل السيارة، فيقوم أسجد بمد الجزر لها ثم يبعد يده فتدخل رأسها فوق رأس عتبة الذي كان يحاول الاختباء في مقعده.

رأينا هناك أنواعاً مختلفة من الحيوانات، كالدببة والقردة والجمال والجاموس والزراف وغيرها، رأينا كذلك الأسود وهي من أكسل الحيوانات، كما أتذكر الأسد لا يعيش في الغابة وينام معظم الوقت ويأكل مما تصطاده أثنى الأسد ومع ذلك يسمونه ملك الغابة؟! وقد رأينا هناك أيضاً النمور وهي تعيش في الغابات ورأينا النمر الأبيض وهو حيوان نادر.

أكثر من أضحكني في الحديقة أو إنسان الغابة، رأينا واحداً يملك كرشاً ومستلق بكسل على الأعشاب، رمى له أبو عمر جزرة فذهب لها بكسل وعاد لمكانه واستلقى على جانبه ثم رفع يده ليأكل الجزرة بطريقة مضحكة.

بعد أن انتهينا من الحديقة توجهنا نحو مسجد في أحد الجبال، هناك رأينا مزارع الشاي على مد البصر، أشجار خضراء على سفوح الجبال تقطعها بعض الممرات، وصلنا إلى مسجد كبير وهناك لديهم نظام مختلف لوضع الأحذية، فعليك أن تعطيها لموظف ويعطيك هو رقم خاص بها، وقبل أن ندخل إلى المسجد علينا أن نخوض في ممر صغير يحوي تجري فيه المياه الباردة فننظف أرجلنا قبل الدخول إلى المسجد، فكرة رائعة لإبقاء المسجد نظيفاً.

في المسجد توظأت وصليت مع الناس في ساحة خارجية، بعد ذلك دخلنا إلى المسجد لنصلي صلاة العصر فرأيت ما أعجبني، المسجد جميل نظيف، الأرضية من الخشب الذي يسهل تنظيفه وأظن أنه ليس بحاجة للتنظيف كثيراً.

خارج المسجد أزعجني الباعة الملحون الذين يريدون بيعي الشنط والحلي وأطعمة مختلفة وأنا أردهم برفع يدي وتكرار "شكراً" لكن لا فائدة، لست من النوع الذي يشتري عند السفر، فأنا أحب أن أعود إلى بلدي دون أن أثقل نفسي بأي شيء.

انطلقنا نحو جاكرتا للتسوق، كان رأسي يعاني من الصداع الشديد نتيجة لجولة الصباح، وفي السيارة بدأت أشعر بالدوار ولم أرغب في التسوق، طلبت منهم أن ينزلوني في الفندق لأرتاح وذهب أبو عمر للتسوق.

في الفندق أخذت قسطاً من الراحة ثم اتصل بي أبو عمر لكي نصلي المغرب والعشاء وبعد ذلك انطلقنا لتناول وجبة العشاء، في مطعم الفندق لم يكن هناك الكثير من الناس فقد أتينا مبكراً، مع ذلك أصر الفندق على إزعاجنا بشخص يعزف على البيانو مع مغنية! لم يكن هذا يهمني فصداع الرأس لا زال قوياً وقد كنت جائعاً.

لم يحدث الكثير بعد ذلك، فنحن في الغد متجهون نحو المطار في الساعة الثانية عشر ظهراً، وفي فترة الصباح لم يكن لدينا شيء نفعله، فجلسنا نتناول طعام الإفطار ونتحدث لوقت طويل، ثم عدنا إلى غرفنا وبدأنا في إعداد أنفسنا لرحلة العودة.

هذا كل شيء اليوم، ويبقى موضوع واحد صغير.

الاثنين، 19 مارس 2007

الشمبرو في بوغور!

قبل أن تحلق الطائرة كان علي أن أربط الحزام لكنني واجهت صعوبة في فعل ذلك، الكرش أصبح مستديراً واضحاً لكل عين، سنوات الإهمال بدأت تظهر نتائجها في وزن زائد وكرش ممتد وآلام في الظهر، قبل أن نحلق قامت المضيفة بالمرور على جميع الركاب لكي تتأكد من أنهم ربطوا الأحزمة، عندما وصلت إلى كرسيي قلت لها: لا أستطيع! فذهبت مسرعة وعادة بحزام إضافي، أما الأستاذ أبو عمر فقد كان يبحث لي عن عذر لعدم قدرتي على ربط الحزام.

حلقت بنا الطائرة مسرعة وبدأت رحلتنا، على الشاشات أمامنا تظهر خارطة تبين المسافة التي قطعتها الطائرة وارتفاعها وسرعتها، مررنا على عمان والهند وبعض الجزر المتناثرة في المحيط الهندي، هذه المسافة كان التجار يقطعونها في شهرين أو أكثر نقطعها اليوم في ثمانية ساعات.

كتابي الذي بدأت قرأته في الطائرة هو صور من الشرق في أندونيسيا من تأليف الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، وكنت قد قرأت هذا الكتاب قبل سنوات لكنني أردت قرائته مرة أخرى لأنه يتحدث عن البلد الذي سأذهب له.

أتذكر نصيحة قرأتها في مكان ما تقول: إذا كان الكتاب يتحدث عن مكان ما فحاول أن تقرأه في هذا المكان، بمعنى لو أن لديك كتاب يتحدث عن تاريخ الأندلس فحاول أن تقرأه في إسبانيا وأنت تزور آثار المسلمين هناك، هذا يضيف قيمة للكتاب فما تقرأه تراه على أرض الواقع مباشرة فيكون للكتاب أثر أكبر.

الكتاب نشر في عام 1960م وتحدث فيه الشيخ عن رحلته إلى باكستان والهند وسنغافورا وماليزيا وأندونيسيا، رافقه في الرحلة الشيخ أمجد الزهاوي وقد كان هدف الرحلة هو دعم القضية الفلسطينية وتوعية المسلمين في تلك البلاد بما يحدث على أرض الإسراء.

تحدث الشيخ عن عادات سكان هذه المناطق وعن تاريخهم وثقافتهم، تاريخ لا يعرفه الكثير من المسلمين، تاريخ الشرق الإسلامي لا يقل قدراً عن تاريخ الأندلس، لكننا أهملناه وأهملنا أهل هذه الديار والنتيجة ترونها اليوم ابتعاد عن الدين وجهل به وانتشار الفقر والجهل، بعضهم لا يعرف من الدين سوى اسمه، لكن هناك أمل دائماً، فهؤلاء القوم يحبون الدين وأهله ويحبون الرسول عليه الصلاة والسلام، فهل من دعاة يذهبون لهم يفقهونهم في أمور دينهم ودنياهم؟

أستطعت قراءة الكتاب كله في الرحلة وقد كان كتاباً ممتعاً مفيداً، ومن يعرف أسلوب الشيخ علي الطنطاوي في الكتابة يعلم تماماً ماذا أعني بقولي "ممتعاً ومفيداً" لأن الشيخ رحمه الله يمزج بين التاريخ والأدب والسياسة وأمور أخرى ويضيف شيئاً من روح الدعابة اللطيفة فلا تشعر بأنك تقرأ كتاباً جامداً بل كتاب تتمنى ألا ينتهي أبداً.

كنا نسافر في الليل وكان علي أن أنام قليلاً، لكن النوم بالنسبة لي صعب في هذه الظروف، فأنا أريد الهدوء التام وهذا مستحيل في الطائرة، صوت المحركات والناس والمضيفات والحركة الدائمة في الطيارة كلها أمور تمنعني من النوم، مع ذلك غلبني النعاس آخر الرحلة لكنني كنت أغفو قليلاً فأشعر بأن الأصوات كلها تلاشت ولم أعد أشعر بشيء وفجأة أعود لأسمع صوت المحركات عالياً قوياً فأستيقظ ويطير النوم من عيني.

هبطنا في مطار جاكرتا في ظهيرة يوم الخميس الخامس عشر من مارس، أول ما لاحظته في المطار هو الجو، فقد كان رطباً وحاراً، البلاد من حولنا خضراء والركاب يتسابقون لإنهاء إجراءات السفر، كان علينا أن نقوم بعمل تأشيرات دخول لأندونيسيا ودفع تكاليفها، فعلنا ذلك وانتهينا من إجراءات الدخول، بعد ذلك التقينا بعتبة، شاب أندونيسي يعمل في مكتب الهلال الأحمر التابع للإمارات في أندونيسيا، قصير القامة وحليق الرأس وابتسامته لا تفارق وجهه، ثم التقينا بتوفيق الذي يعمل أيضاً في مكتب الهلال الأحمر، أسمر ومتوسط القامة.

الأستاذ أبو عمر جاء إلى هذا البلد من أجل عمل خيري يتمثل في صيانة مسجد تكفل ببناءه محسن من الإمارات قبل عشر سنوات تقريباً، لذلك قررنا أولاً أن نذهب إلى الفندق لكي نضع أمتعتنا هناك ونصلي الظهر والعصر وأبدل أنا ثوبي الذي اتسخ.

عندما خرجنا من المطار جاء رجل إلى أبو عمر وأعطاه بطاقة، أخذها أبو عمر ومشى قليلاً وهو يقرأها ثم عاد وأعطاها للرجل وذهب، الرجل كان يعرض عليه خدمة ما يسمى بالزواج المؤقت! وهو في الحقيقة غطاء شرعي للفاحشة وللأسف أخبرنا مرافقونا أن من يلجأ لهذه الخدمة أغلبهم من الجزيرة العربية.

في الطريق إلى الفندق كان أبو عمر يتحدث مع الأخوين عتبة وتوفيق وانشغلت أنا بالنظر إلى خارج السيارة لكي أتمتع بالنظر إلى ما لم أره من قبل، بلاد خضراء لا تعرف أين تنتهي قراها وتبدأ مدنها فكل شيء متصل لا ينقطع، القرى والمزارع والمدن كلها متتابعة، بعضها يختفي خلف ستار من أشجار الغابات وبعضها مكشوف يمكن للجميع أن يراه.

الشوارع مزدحمة والناس هنا يقودون سياراتهم بأسلوب لم نعتد عليه في دول الخليج، فالسيارات والدراجات متقاربة بشكل كبير مع ذلك لم أرى أي حادث يقع حتى لو كان حادثاً بسيطاً.

مررنا على مركز للتسوق ويحمل لافتة تقول "كارفور"، العولمة تأتي بالشركات الكبرى من أنحاء العالم لتغزو الأسواق المحلية حيث لا يمكن للتجار المحليين أن ينافسوا الشركات الكبرى وآلتها التسويقية.

وصلنا إلى الفندق وصلينا وبدلت ثيابي ثم انطلقنا إلى بوغور، هذه المدينة تحوي قصراً رئاسياً ويحوي القصر متحف نباتي أو حديقة تضم أنواعاً مختلفة من الأشجار والنباتات، مررنا عليها سريعاً ورأينا أشجاراً كبيرة معمرة والكثير من الغزلان أيضاً، إن وجدت فرصة ثانية لزيارة أندونيسيا فلا بد من زيارة هذه الحديقة والتجول فيها.

بعد أن تجاوزنا الحديقة وصلنا إلى منطقة سكنية مزدحمة ومن هناك سرنا خلف دراجة يقودها شخص يعرف الطريق إلى المسجد، الممرات ضيقة وبالكاد تتسع لسيارتنا، مع ذلك كان الناس يمشون وبعض الدراجات تسير بجانبنا، المنطقة فقيرة شأنها شأن الكثير من المدن والقرى، هناك مساحات ترمى فيها القاذورات.

لكن الصورة عند المسجد كانت أفضل حالاً، فقد كان المسجد نظيفاً، دخلنا لنصلي ركعتي تحية المسجد ثم جلسنا لنشرب الشاي ونأكل من وجبة محلية وهي موز مقلي! وأظن أنه يقلى مع البيض، أكلنا شيئاً من هذا الموز لكي نطيب خاطرهم أما الشاي فقد كان رائعاً، هؤلاء القوم أكرمونا بالرغم من صعوبة ظروفهم، مثل هذا الكرم يحرك القلب ويسعده.

قمنا بمعاينة المسجد، السقف يحتاج إلى صيانة تامة، هناك منارة قصيرة تحوي ثلاث سماعات وواحدة فقط التي تعمل، وقد رأيت شيئاً في المسجد وقرأت عنه في كتاب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، هناك طبلان أحدهما معلق ويبدو شكله مثل الكرة المستطيلة ويحوي شقوقاً طولية وله مضرب خاص به، والطبل الثاني هو طبل عادي لكنه ضخم، هذه الطبول تستخدم قبل الأذان لتذكير الناس بموعد الصلاة.

تحدثنا عن تكاليف الصيانة وكيفية إرسالها وعن محاولة استغلال أرض بجانب المسجد لإنشاء وقف للمسجد، وبعد أن انتهينا قمنا بالسلام على بعض رجال المنطقة وركبنا السيارة، جاءت سيدة بكيس أسود يحوي طعاماً لنا، ونحن في الطريق أعطوني شيئاً من هذا الطعام ويسمى شمبرو، قال لي عتبة بأن بطني سيعاني إن أكلت من هذا الشمبرو! لكنني كنت أشعر في ذلك الوقت بروح المغامرة فأكلته ووجدته لذيذاً، للأسف لم آكل سوى قطعة واحدة فقط، شمبرو هو عبارة عن فول سوداني وشيء من المكسرات المقلية مع الفلفل.

أكتفي بهذا القدر هنا وأكمل معكم في موضوع لاحق.

الأحد، 18 مارس 2007

من جاكرتا مع التحية

لا زلت بحاجة إلى أن أصدق بأنني ذهبت إلى أندونيسيا بدون أن أتردد في التفكير وأنني قضيت هناك ما يقرب من ثلاثة أيام ثم عدت وأنا الآن في غرفتي أمام حاسوبي، يبدو لي الأمر كأنه حلم تتلاشى صوره وتختفي، لحسن الحظ قمت بتدوين تفاصيل الرحلة وسأكتب لكم في موضوعين أو أكثر عن رحلتنا.

البداية كانت في يوم الخميس الموافق للثامن من شهر مارس، جاء إلى المنزل الأخ والأستاذ أبو عمر مصبح الرميثي، سألني عن أحوالي ثم عرض علي الذهاب معه في رحلة إلى أندونيسيا، لم أتردد ووافقت مباشرة، ثم ذهبنا مباشرة لشراء التذاكر، عندما عدت إلى المنزل سألت نفسي: ما الذي فعلته اليوم؟ أنا أعطيت كلمتي للرجل بأنني سأذهب معه إلى أندونيسيا دون أن أفكر! ليس هذا من طبعي فأنا أحب أن أفكر وفي الغالب أرفض أي عرض مثل هذا! هذا تغير إيجابي، الحياة أقصر من أن أضيعها في تضييع الفرص.

لكن دعوني أحدثكم عن شيء آخر، قبل أيام من زيارة الأستاذ أبو عمر كنت أشعر بضيق شديد، كأن جبال الدنيا أطبقت على صدري، كنت أريد أن أنجز العمل الذي وعدت بإنجازه لكن ما أن أضع يدي على لوحة المفاتيح حتى يتحول عقلي إلى مساحة سوداء فارغة، أعرف ما يجب علي كتابته وكل شيء مرتب في هذا العقل لكنني أجد صعوبة كبيرة في تحريك يدي للكتابة، كنت أشعر بالاختناق فأنا أريد تغييراً حقيقياً، ليس مجرد المشي والتجول أو الابتعاد قليلاً عن الحاسوب، أردت السفر ودعوت الله أن ييسر لي رحلة سفر إلى أي مكان في العالم، المهم أن أنقطع عن كل شيء اعتدت عليه، وبعد أيام جاء العرض من الأستاذ أبو عمر، فحمداً لكم اللهم على كل نعمك، والحمدلله أن الرحلة كانت إلى أندونيسيا، أكبر بلد إسلامي، سأخرج من وطني إلى وطن آخر وأعلم أنني لن أشعر بالغربة هناك، لأنني سأكون بين إخواني.

قمت بشراء حقيبة صغيرة يمكن أن أحملها معي في الطائرة، وتمنيت بعد ذلك لو أنني اشتريت حقيبة أصغر، السفر يجب أن يكون ممتعاً لذلك لا أحب أن أحمل معي حقائب كثيرة ثقيلة، ثم زرت موقع One Bag لأقرأ نصائحه حول إعداد الحقائب، والموقع يحوي العديد من الأفكار المفيدة فعلاً، إن كنت ستذهب في رحلة سياحية وستقيم في فندق جيد فعليك ألا تثقل نفسك لكي تستمتع بالرحلة.

أخذت معي مجموعة مجلات وكتابين ودفتر وقلمين، هذه العدة ضرورية بالنسبة لي لكي أوثق الرحلة بالصورة والكتابة فأعود لأكتب عنها في موقعي، الرحلات مصدر رائع لأفكار الكتابة وبالتأكيد ستجد الكثير منها في أي رحلة، أما المجلات والكتب فهي وسائل لاستغلال الوقت في الطائرة أو الفندق، السفر أكثر متعة مع الكتاب خصوصاً إن كان الكتاب بتحدث عن تاريخ الدولة التي ستذهب لها، والسفر بالطائرة متعب خصوصاً إن كانت الرحلة تحتاج إلى سبعة ساعات أو أكثر، ما الذي ستفعله في كل هذا الوقت؟ قم باستغلاله بالقراءة فهي أفضل بكثير مما سيعرض على شاشات الطائرة وانتظار الوجبات.

موعد سفري كان في يوم الأربعاء الرابع عشر من هذا الشهر، قمت بتجهيز نفسي وانتظرت أبو عمر لكي نذهب إلى المطار، اتفقنا على أن نذهب في الساعة الحادية عشر مساء، تأكدت من كل شيء وخرجت من الغرفة لأنتظر، بعد دقائق تذكرت أنني لم أحضر جواز سفري! الحمدلله أنني تذكرت ذلك في المنزل قبل أن أخرج، لم يتأخر أبو عمر كثيراً وانطلقنا نحو المطار.

في المطار لاحظ أبو عمر أن ثوبي اتسخ من ناحية الظهر بغبار السيارة! هذه هي البداية؟! لا بأس قمت بمحاولة لتنظيفه لكن لم يذهب كله، وقد قررت ألا أعيره أي اهتمام فليس لدي وقت لتبديل ملابسي ولا أريد أن أفعل ذلك في المطار، ذهبنا إلى مكتب الطيران وحجزنا مقاعدنا وقد حرص أبو عمر على أن نكون في الصف الأول وعلى الكراسي التي تقع قرب الممرات، كان هذا قراراً حكيماً.

انطلقنا نحو قسم الجوازات وأنهينا الإجراءات ثم إلى بوابة الطائرة، هناك رأينا العشرات من المسافرين معنا، أغلبهم من النساء الأندونيسيات وقليل من الجنسيات الأخرى وبعض المواطنين والسعوديين، هناك انتبهت إلى أنني نسيت كتابي في مكان ما في المطار وأظن أنه مكتب التذاكر، عدت إلى قسم الجوازات وسلكت طريقاً خاصاً لمن يريد العودة، سألني الشرطي عن حاجتي فأخبرته وطلب من شرطي آخر أن يذهب معي، وصلت إلى المكتب ووجدت كتابي حيث نسيته، عند عودتي حدثني الشرطي أن ثوبي متسخ من الخلف! أي إحراج هذا؟

عدت إلى بوابة الطائرة وانتظرنا دورنا لكي نركب في الطائرة، ركبنا الحافلة العريضة التي يجب أن نقف فيها ونتعلق بأشرطة مخصصة للركاب، ثم وصلنا إلى الطائرة ثم إلى المقاعد المخصصة لنا، كنا في الصف الأمامي في منتصف الطائرة، ثلاثة مقاعد، جلس أبو عمر على المقعد الأيمن وأنا على الأيسر وظل الكرسي بيننا فارغاً ولم يجلس فيه أحد، استخدمناه كمخزن صغير لكل شيء، السماعات والوسائد وأشياء أخرى لا أعرفها! كانت هناك مساحة لكي نمد أرجلنا ونتحرك، هذا ما جعل الرحلة مريحة على عكس رحلة العودة التي لا زلت أعاني منها حتى الآن، أشعر بألم في ظهري من الجلوس لساعات طويلة دون حركة.

هذا كل شيء اليوم، نكمل معكم تفاصيل الرحلة في موضوع لاحق، سأتحدث عن سبب زيارتنا إلى أندونيسيا وعن اليوم الثاني للرحلة ثم العودة.

الثلاثاء، 13 مارس 2007

الإبداع: أن تكسر بعض القواعد … أو كلها

تصور أنك شاركت في مسابقة لإنشاء أعمال فنية أو فكرية إبداعية باستخدام تقنيات الويب، كيف سيكون شكل الموقع؟ ما الجديد الذي ستقدمه في هذا الموقع؟ ماذا لو فكرت بإنشاء موقع يكسر بعض القواعد أو كلها؟ تصور أنك تقوم بإنشاء موقع لا يهتم بشيء من قواعد قابلية الوصول والاستخدام، فلا يهمك أن يكون سهل الاستخدام ولا يهمك أن يصل للموقع من يستخدم أجهزة مختلفة أو متصفحات مختلفة، الشيء الوحيد الذي يهمك هو الإبداع.

لا أشجع على إنشاء مواقع صعبة الاستخدام ولا يمكن الوصول لها بسهولة من خلال أجهزة ومتصفحات مختلفة لكن هناك دائماً استثناءات، هناك مواقع فنية أو إبداعية لا تحتاج إلى أن تكون سهلة الاستخدام، مواقع تكسر القواعد لكي تبتكر شيئاً جديداً قد يكون مفيداً أو لا يكون.

فكر قليلاً وحاول أن تأتي بشيء جديد، تصور أنك تقوم بإنشاء موقع بدون نظام تصفح، بمعنى أنه لا يمكن للزائر أن يجد روابط مثل "الصفحة الرئيسية، للمراسلة، مقالات،" وغيرها من الروابط التي اعتدنا على وجودها في الكثير من المواقع، كيف يمكن إنشاء مثل هذا الموقع؟

تصور أنك قمت بتأليف قصة أو كتاب بدون نهاية أو بداية، القصة تبدأ من المنتصف ثم تذهب إلى المستقبل لتعود إلى الماضي ثم ترجع إلى الحاضر لكن الزائر لا يمكنه معرفة البداية والنهاية ولا يستطيع أن يقلب صفحات الموقع كما يفعل مع الكتب، بل عليه أن ينتقل عبر القصة باستخدام النص المترابط.

أضف صوراً متحركة وشيئاً من حيل جافاسكربت وCSS وربما ملفات صوتية وملفات فيديو وستخرج بمواقع مختلفة، مواقع قد لا يكون لها معنى أو فائدة لكن قد تكون ممتعة، قد تصل إلى إنتاج قصة أو رواية تستخدم الوسائط المتعددة والروابط لتشكل ما يسمى هايبرميديا، روايات تفاعلية لا تكتفي بالنص بل تستخدم الفيديو والصور، وربما تجعل القارئ يشارك في أحداث القصة فيصل إلى نهاية مختلفة بحسب اختياراته.

لا حدود هنا لما يمكن ابتكاره، هناك أمثلة مختلفة لمثل هذه المواقع، فمثلاً هناك قصة The Book of Sand أو بترجمة حرفية "كتاب الرمال"، هذا الموقع الصغير يحوي قصة من ثمانية صفحات، لكنها غير مرتبة وعليك أن تقرأها وتعرف ترتيبها الصحيح ليضاف اسمك إلى قائمة الفائزين، نعم ... ستجد إسمي هناك في القائمة!

هذا الموقع الصغير دلني على مؤلف القصة وهو خورخي لويس بورخيس الكاتب الأرجنتيني، وأنا لدي اهتمام بالأدب اللاتيني، قد يكون للمواقع الإبداعية فائدة في بعض الأحيان.

لكن هناك مواقع لم أجد فيها فائدة وهي ممتعة بالفعل، مثل موقع snarg.net الذي يحوي العديد من الأقسام المخفية، وهناك الموقع الفكاهي Homestar Runner الذي يحوي روابط مخفية في ملفاته.

هناك مقالة ممتعة بعنوان When multimedia was black and white (عندما كانت الوسائط المتعددة بالأبيض والأسود)، هذه المقالة تحوي ضمن فقراتها ملاحظات والعديد من الصور، لكن عليك أن تنقر على علامات صغيرة لكي ترى هذه الملاحظات والصور، لدينا أيضاً موقع بعنوان Gamer Theory يعرض نص كتاب بطريقة مختلفة.

لا حدود لما يمكن ابتكاره في الشبكة سوى خيال المرء، ولكي نبدع لا بد من كسر بعض القواعد أو كلها، لا بد أن نبحث عن الجديد حتى لو كان هذا الجديد غير عملي، فقد يكون مفيداً في المستقبل.

هل تعرف المزيد من المواقع الإبداعية؟ سواء كانت عربية أو أجنبية أرسل لي عنوانها وسأنشرها في موضوع لاحق، هذا إن حصلت على ما يكفي منها، هل لديك فكرة تريد عرضها على الآخرين؟ قم بتنفيذها وأرسل الرابط لي وقد أكتب عنها.

إلى جاكرتا

بإذن الله سأسافر إلى أندونيسيا لأيام معدودة، لن أستطيع الرد على رسائلكم، رحلة قصيرة أسترد فيها بعض النشاط وتبعدني عن كل ما شيء اعتدت عليه، ألقاكم على خير.

الثلاثاء، 6 مارس 2007

من نحن؟ … لن نخبرك!

بالأمس وصلت إلى موقع يسمى التعلم الإلكتروني باللغة العربية وكما هي عادتي قمت بتصفح قسم "من نحن" الذي أبدأ بتصفحه عند زيارة أي موقع، في الغالب المواقع تضع صفحات يسمونها حول الموقع أو حول الشركة وهي الصفحات التي أبدأ بقرائتها لأنني مهتم فعلاً بمن قام بإنشاء الموقع ومن يديره وما هي أهداف الموقع.

لكنني لم أجد شيئاً عن القائمين على الموقع، لا سيرة ذاتية ولا صور ولا أي شيء آخر، قمت بزيارة صفحة اتصل بنا والتي تحوي في البداية على عنوان المؤسسة وبريداً إلكترونياً وهذا أمر طيب، كان عليهم إضافة أرقام الهواتف لتكتمل الصورة.

في أسفل الصفحة نموذج للمراسلة يحوي ما يكفي من الأخطاء التي يجب تجنبها في أي نموذج مراسلة، في البداية هناك تنبيه باللون الأحمر على أن هناك حقول إجبارية يجب أن تكتب باللغة الإنجليزية؟ ماذا؟! أنا في موقع التعلم الإلكتروني باللغة العربية لماذا علي أن أكتب هذه البيانات بالإنجليزية؟ إن كانت هناك أي صعوبات تقنية لا تسمح بإضافة اللغة العربية في النموذج فعلى القائمين على الموقع أن يبحثوا جيداً عن مبرمج أكثر كفاءة بدلاً من أن يطلبوا من الزائر الالتزام بقواعد معينة في الكتابة.

ثم هناك معلومات كثيرة يجب أن أدخلها، لماذا يطلب أصحاب الموقع كل هذه البيانات؟ هل يقومون بجمع قاعدة بيانات عن كل من يراسلهم؟ أم أن الأمر أكثر بساطة فقد قاموا بتصميم نموذج المراسلة بهذا الشكل لمجرد أنهم قادرون على فعل ذلك؟

لا يكفي أن تتحدث عن أهداف الموقع والوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف، لا يكفي أن تتحدث عن الرؤيا والرسالة، أريد أن أعرف من أنت أو أنتم؟ أريد أن أعرف أسماء الأشخاص الذين يعملون في الموقع وأرى صورهم إن أمكن ذلك وأقرأ سيرة ذاتية مختصرة، أريد أن أعرف تاريخ الموقع أو المؤسسة.

بدون هذه المعلومات كيف سأثق بالموقع أو بالمؤسسة؟ قلت من قبل أن المواقع هي وسائل إعلامية تفاعلية، عندما يزور الشخص أي موقع فيمكن أن نقول أنه طرف في حوار مع الموقع أو من يقف خلف الموقع، من غير اللائق أن تحاول إخفاء هويتك وأنت تحاور الناس، لكي تؤسس قاعدة من الثقة يجب أن تعرف بنفسك.

من المفترض أيضاً أن تقدم وسيلة واضحة للاتصال بالمؤسسة أو بأصحاب الموقع، يجب أن يكون هناك رابط واضح يقول "للمراسلة" أو "اتصل بنا" وفي هذه الصفحة ضع عنواناً بريدياً للمؤسسة وأرقام الهواتف، ضع نموذجاً للمراسلة لكن لا تقم بتعقيده، يجب ألا يطلب النموذج من الزائر سوى معلومات ضرورية مثل البريد الإلكتروني والرسالة، هذا كل شيء، ربما من المفيد أن تضع مربعاً لإضافة الاسم فبعض الناس ينسون كتابة أسمائهم في الرسالة.

سيقول البعض: لكن نحن سنضيف مربعاً يحوي خيارات لتوجيه الرسالة إلى شخص معين أو موضوع معين، وسؤالي لهؤلاء: هل تظن أن الزائر يهتم أين ستذهب الرسالة بقدر اهتمامه بأن يجد رداً عليها وبسرعة؟ مررت كثيراً بمثل هذه النماذج التي تضع خيارات لتحديد موضوع الرسالة، في الغالب لا أستطيع أن أعرف الاختيار المناسب، ولا يهمني أين تذهب الرسالة أو من سيرد عليها لأن هذا شأن داخلي للمؤسسة أو للموقع ويجب ألا يفكر فيه الزائر.

بالطبع سيقول البعض: لكن بعض أصحاب المدونات والمواقع الشخصية يرغبون في إبقاء هوياتهم مجهولة، أعلم ذلك ولا حاجة لتكراره، ما قلته في هذا الموضوع ينطبق على المواقع المتخصصة التي تقدم دروساً أو خدمات وتريد أن تقدم الفائدة وينطبق كذلك على مواقع المؤسسات الحكومية والخاصة والمؤسسات التطوعية، هذه المواقع يجب أن تعرف بنفسها جيداً.

ملاحظة أخيرة: نقدي للموقع المذكور أعلاه ليس موجهاً له وحده فهناك عشرات المواقع العربية التي لو تحدثنا عنها لوجدنا أنها أسوأ بكثير مما رأيته في موقع التعلم الإلكتروني، على الأقل هذا الموقع أضاف بيانات الاتصال وبريداً إلكترونياً، هناك مواقع لا تحوي حتى صفحة من نحن أو وسيلة للمراسلة، وبعضها بالمناسبة مواقع حكومية.

الأحد، 4 مارس 2007

كيف تتعلم تطوير المواقع؟ - 2

هذا الموضوع هو تكملة للموضوع السابق الذي طرحته بعنوان "كيف تتعلم تطوير المواقع؟" والذي تحدثت فيه عن الأساسيات لكن لم أتحدث عن نقاط أخرى ضرورية في تطوير المواقع، افترض أنك قمت بتعلم HTML وCSS وطبقت الدروس التي قرأتها في المواقع والكتب، هل سيكفيك ذلك لكي تقوم بإنشاء موقع؟ لا لأن الموقع لن يشاهده أي إنسان في العالم إلا أنت.

الموقع بحاجة إلى أن يوضع في حاسوب آخر نسميه "المستضيف" أو (host)، كيف تفعل ذلك؟ هناك عدة طرق، لكن نحن بحاجة إلى أن نعود إلى قاعة "ألف باء الإنترنت" أولاً لكي نتذكر نقاطاً مهمة.

تصور أنك الآن في جامعة ما، هناك آلاف الحواسيب منتشرة في قاعات الجامعة ومبانيها، بعضها صغير وبعضها كبير، بعضها يحوي ملفات وتطبيقات وبعضها يقدم خدمات، يمكن لأي شخص أن يستخدم هذه الحواسيب والخدمات من أي مكان، هناك شبكة داخلية تربط بين حواسيب الجامعة وتتيح لأي شخص أن يتصل بأي شخص آخر، هذه الشبكة لها اتصال بشبكة الإنترنت، يمكن لأي شخص في العالم الوصول إلى بعض حواسيب الجامعة والاستفادة من خدماتها.

هذا التصور هو في الحقيقة واقع يعيشه الكثير من الناس حول العالم، في الكثير من جامعات العالم هناك شبكات داخلية مرتبطة بشبكة الإنترنت، ولا يقتصر الأمر على الجامعات بل هناك مؤسسات حكومية وخاصة تملك شبكات خاصة مرتبطة بشبكة الإنترنت، يمكن أن نقول بأن الإنترنت هي شبكة الشبكات.

عندما تزور هذا الموقع فأنت تزور حاسوباً ما في شبكة ما، هذا الحاسوب يرسل لك ملف الصفحة الرئيسية ليعرضها في المتصفح، وعندما تضغط على أحد الروابط التي تقودك لموقع آخر يقوم حاسوب آخر في شبكة أخرى بتلبية طلبك وتقديم الصفحة التي تريدها.

ما علاقة كل هذا بتطوير المواقع؟ لا تستعجل! ستأتيك الإجابة حتماً، لنفترض أن لديك في حاسوبك موقع جاهز، لكي يتمكن الناس من رؤية هذا الموقع عليك أن تضعه في حاسوب ما مرتبط بشبكة الإنترنت، تستطيع أن تربط حاسوبك بالإنترنت لكن هذا موضوع آخر لن نتحدث عنه، الخيار الذي سنتحدث عنه هو نقل ملفات موقعك إلى حاسوب سيستضيف موقعك.

لكي تجد مساحة تضع عليها موقعك عليك أن تقوم بشراء هذه المساحة من شركة ما، هذه الشركة ستعطيك مساحة تضع عليها موقعك ولوحة تحكم للموقع وفي الغالب يمكنك أن تشتري من خلالها عنواناً خاصاً لموقعك (مثال: mysite.com)، لنتصور أنك قمت فعلاً بشراء المساحة والعنوان، كيف تنقل الملفات الآن؟

الطريقة الأولى هي أن تستخدم لوحة التحكم التي تأتي مع موقعك، من خلالها يمكنك أن تقوم بنقل الملفات من حاسوبك إلى الحاسوب المستضيف، خيار سهل وبسيط لكنه لا يصلح لمن يريد نقل عشرات الملفات والمجلدات، إن كان موقعك يحوي الكثير من الملفات فعليك أن تستخدم تقنية أخرى.

هناك تقنية تسمى FTP تتيح لك الاتصال بالحاسوب المستضيف عبر برنامج خاص، هذا البرنامج يمكنك أن تجده بأحجام وأشكال مختلفة، بعضها حر أو مجاني وبعضها تجاري، من خلال هذا البرنامج عليك أن تضع الاسم وكلمة السر الخاصة بالحاسوب المستضيف، هذه التفاصيل ستأخذها من شركة الاستضافة، ثم عليك أن تضع عنوان الاتصال بالحاسوب وهو في الغالب ftp.mysite.com ثم تقوم بالاتصال بالحاسوب المستضيف، خلال ثوان قليلة ستظهر الملفات والمجلدات في حاسوب الاستضافة، يمكنك أن تتحكم بها كما تفعل مع الملفات في حاسوبك، الآن يمكنك أن تختار الملفات في حاسوبك ثم تقوم بنسخها إلى حاسوب الاستضافة، بعد أن تنتهي عملية النقل ستتمكن من رؤية موقعك من خلال المتصفح.

هناك تفاصيل كثيرة في هذه المقالة، لكن لنبسط الأمر، عليك أن تتعلم التالي:

  • شراء مساحة من شركة استضافة والتحكم بهذه المساحة.
  • شراء عنوان (domain name) للموقع والتحكم به.
  • نقل ملفاتك من حاسوبك إلى حاسوب الاستضافة.

إذا تعلمت النقاط الثلاث مع XHTML وCSS ستتمكن من إنشاء موقع كامل يمكن للناس مشاهدته.

هناك مواقع تقدم خدمات استضافة مجانية، أنصحك بأن تجرب مثل هذه المواقع قبل أن تشتري مساحة وعنواناً خاصاً، تدرب على المساحة المجانية وتعلم من أخطائك، كلما مررت بشيء غامض اكتب سؤالاً، ما هو DNS؟ لماذا علي أن أضع ملفاتي في مجلد puplic_html؟ هذه الأسئلة بالمناسبة كانت أسئلة غامضة بالنسبة لي، قرأت وعرفت إجاباتها بعد ذلك، فاكتب عن أي شيء غامض لم تفهمه واقرأ وستجد الإجابة.

الخميس، 1 مارس 2007

حاجز الكتابة

من المفترض أن أطرح الجزء الأول من كتابي اليوم لكنني لن أفعل ذلك، في البداية لم أفكر في عنوان للكتاب، أريد عنواناً جذاباً لكنني لا أجد لدي سوى عناوين مملة مثل "تطوير المواقع للمبتدئين" أو استخدم كلمة تصميم بدلاً من تطوير، ثم يتوقف عقلي عن العمل هنا، كل ما حاولت البحث عن عنوان جيد أجد نفسي أدور في نفس الدائرة لأعود إلى العناوين المملة.

هذه نقطة أولى، النقطة الثانية أنني غير قادر على الكتابة، ليس كسلاً ولا خوفاً من أي شيء، أعرف بالضبط ما يجب علي فعله، لدي الدافع الكفي لإنجاز ما أريد وأنا أعرف ما سأكتب عنه مع ذلك لم أستطع سوى كتابة جزء صغير مما علي إنجازه.

نافذة المحرر النصي أمامي تحوي نقاطاً أريد الكتابة عنها، كل ما علي فعله هو الكتابة لكنني أجد نفسي أحملق في الشاشة حتى يظهر لي ما يسمى "screen saver" فأضغط على زر لكي أعود للمحرر النصي وأعود للحملقة، الأمر يثير أعصابي لأنني لا أعرف ما الذي يمنعني من الكتابة.

هذه ظاهرة معروفة لمن يمارس الكتابة، يسمونها باللغة الإنجليزية Writer's Block أو بترجمة حرفية "حاجز الكتابة" وهي عدم قدرة الكاتب على كتابة أي شيء لأسباب مختلفة منها الاكتئاب والقلق ولها حلول مختلفة، وقد مررت شخصياً بمثل هذا الوضع في الماضي، والعلاج في بعض الأحيان يكون بالكتابة عن المشكلة نفسها أو بممارسة الرياضة والمشي وبتغيير بعض العادات.

لا يعني كل ما قلته أعلاه أنني لن أنجز الكتاب، سأنجزه إن شاء الله لكن يحتاج الأمر إلى بعض الوقت والتغيير، سأكتب مقالة ثانية حول كيفية تعلم تطوير المواقع لمن لا يريد أو لا يحتاج إلى انتظار الكتاب.