الأربعاء، 4 أغسطس 2004

نحتاج ثلاثة أشخاص فقط

الملل كان سيد الموقف عندما توقف الموقع، كنت أبحث في الشبكة عن مقالات أو دروس أقرأها وأتعلم منها، وقد قادني بحثي هذا إلى درس عن شيء اسمه فن البكسل أو (Pixel Art)، وفن البكسل هذا أمره بسيط، فهو يقوم على أساس رسم كل شيء بالبكسل، أي أنك ترسم كل بكسل بنفسك، صحيح أن هذا أمر متعب لكن النتائج تكون رائعة، وهناك نوعان من هذا الفن، النوع الأول ثنائي الأبعاد، أما النوع الثاني فهو ثلاثي الأبعاد ويمسى Isometric Pixel Art، والدرس يشرح أساسيات النوع الثاني، وقد يظن البعض أن هذا النوع من الرسم هو رسومات للأطفال أو رسومات "أتاري"! لكن حقيقة وجدت الكثير من الأعمال الفنية الرائعة التي تستخدم فن البكسل، فلا تحكم على الكتاب من غلافه.

في نهاية الدرس ستجد العديد من الروابط لمواقع أخرى تهتم بهذا الفن، ومن هذه الروابط ستجد رابط لمنتدى Pixelation الذي يجمع هواة فن البكسل، قرأت في المنتدى عن أناس قاموا بعمل ألعاب إلكترونية باستخدام هذا الفن، الرسم بطريقة البكسل سهلة وبسيطة، والبرمجة تحتاج لخبرة وممارسة، وهؤلاء الهواة يقومون بإنشاء ألعاب جميلة ومسلية، وباستخدام أدوات برمجة تبسط عليهم برمجة الألعاب، فمثلاً المحرك الأساسي للعبة أو النواة الأساسية يمكن الحصول عليها من مصادر مختلفة فلا يجب على المبرمج أن يبذل جهده ويستهلك الكثير من الوقت من أجل إنشاء نواة مماثلة.

بعد أن عرفت الكثير من التفاصيل وعلمت أن صناعة لعبة بسيطة أو حتى متوسطة التعقيد ليس أمراً صعباً، ثار في ذهني تساؤل: لماذا لا توجد لعبة عربية؟ القوم في الغرب يقومون بإنشاء ألعابهم بالاعتماد على أساطيرهم وثقافتهم الشعبية (الفلكلور)، وهذه الثقافة تحوي أموراً لا تتوافق مع عقيدتنا، فمثلاً هناك أساطير حول الآلهة، فهناك إله الشمس وإله المطر وإله الظلام وهكذا لكل شيء إله، وهناك أساطير حول خلق العالم والكون وحال الإنسان بعد نهاية الكون، والتعرف على الأساطير ليس مشكلة، فلكل شعوب الأرض أساطيرهم، المشكلة عندما تطرح هذه الأساطير في الألعاب والرسوم المتحركة ويلعب بها أطفالنا ولا ننبههم إلى أن ما يرونه ويلعبون به مجرد لعبة أو خيال والواقع مختلف تماماً، لا بل إن الكبار يتأثرون بهذا، أتذكرون فيلم آلام المسيح الذي أثار ضجة؟ تصوروا أن هناك من صدق الفيلم وظن أن المسيح صلب وهو مسلم يقرأ في القرآن: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم".

لماذا لا نصنع ألعابنا الخاصة؟ هناك بالتأكيد ألعاب عربية قليلة وأتمنى أن أرى المزيد، خصوصاً من الأفراد لا من المؤسسات، لأن الألعاب التي رأيتها في منتدى Pixelation وفي مواقع أخرى قام بإنشاءها أفراد لا مؤسسات، وتراثنا غني بالأساطير، إقرأ كتاب كليلة ودمنة، أو ألف ليلة وليلة مع عدم موافقتي على الكثير مما يحويه هذا الكتاب، لدينا قصص السندباد، علي بابا والأربعين حرامي، دليلة والزئبق، قصة عنتر بن شداد، سيرة أبو ليلى المهلهل، والكثير من القصص، في تاريخنا الكثير من الأحداث والقصص التي تستحق أن تكون موضوعاً للعبة أو لفيلم أو لرسوم متحركة، المهم أن نعرف كيف نستلهم الأفكار من هذا التراث ونصنع لعبة تناسب ثقافتنا وتاريخنا ولا نكتفي بذلك بل نصدر اللعبة إلى الآخرين ليتعرفوا على ثقافتنا وتراثنا.

لا شيء يمنعنا من فعل ذلك، تحتاج أي لعبة لشخصين فقط أو ثلاثة أشخاص، مبرمج يتقن برمجة الألعاب ويعرف كيف يستغل الأدوات المتوفرة لبرمجة الألعاب، وفنان يرسم اللعبة، والشخص الثالث كاتب لديه خيال واسع فيكتب قصة اللعبة، قد لا يتوفر لدينا مثل هذا الفريق الآن، فعلينا أن نبدأ في تعليم أنفسنا فالمبرمج عليه أن يطور مهارته والفنان عليه أن يصقل موهبته ويكتسب خبرة والكاتب عليه أن يطور أسلوبه في الكتابة ويزيد من رصيده المعرفي بالقراءة.

بعد ذلك كله نحتاج فقط الإرادة والرغبة في عمل لعبة، وإلا فلا فائدة من كل الخبرات بدونهما.

وبما أنني تكلمت عن الألعاب يسرني أن أقدم لكم رابط للعبة Peasant's Quest التي يقدمها الموقع المسلي Homestar Runner، وهذه اللعبة تذكرني بالألعاب القديمة التي كنت ألعبها مع إخواني مثل لعبة King Quest وPolice Quest في وقت كانت الشاشة لا تحوي أكثر من 16 لوناً أو 256 لوناً والأصوات تخرج من سماعة الحاسوب فتظن أن الحاسوب أتاري لكن بحجم كبير! أيام جميلة حقاً :-)