الخميس، 24 فبراير 2005

لغة الحرب في مقالاتنا التقنية

أستغرب لغة الحرب التي تستخدم لكتابة المقالات التقنية أو شبه التقنية، وخصوصاً تلك المقالات التي سأمت منها والتي تقارن ما بين ويندوز وماك ولينكس، أو التي تقارن بين فايرفوكس وإكسبلورر أو تقارن بين أي نظامي تشغيل أو برنامجين، سأمت مثل هذه المقالات إلا القليل النادر منها، والتي تكتب بعقلانية وتوضح الحقائق بدلاً من أن تعرض الآراء.

أستغرب أحدهم وهو يقول:"عندما تأتي مايكروسوفت بنظامها القادم ذو القرون الطويلة ستحطم منافسيها وتدمرهم ولن يبقى بعد ذلك أحد"، هذا قول سخيف مضحك ولم يبقى سوى أن يقول بأن مايكروسوفت "ستنطح" منافسيها، وفي الجانب الآخر متعصبي لينكس لا يتبعدون كثيراً عن استخدام نفس اللغة.

وحقيقة مثل هذه الكلمات تجعلني أبتعد عن إكمال قراءة المقالات، نحن بحاجة إلى شيء من العقلانية، استخدم كلمات مثل تدمير وتفجير وتحطيم وإزالة وغيرها من المصطلحات العسكرية تجعلني أتصور الكاتب كأنه يلبس خوذة عسكرية وفي يده مدفع رشاش، ودعونا نتفق على بعض الأساسيات لنرتاح من مثل هذه المقالات: لا توجد تقنية واحدة أو منتج واحد أو شركة واحدة تستطيع تحطيم كل منافسيها، حتى مايكروسوفت بكل ما لديها من قوة تسويقية ومالية لم تستطع أن تخرج من السوق كل منافسيها، بل بدأ المنافسون الآن يزيدون من حصصهم في الأسواق على حساب حصص مايكروسوفت، أبل وفايرفوكس ولينكس كلها أمثلة واضحة على ذلك.

مايكروسوفت ليست شراً محضاً ولا خيراً محضاً، فلنكف عن مهاجمتها كأنها شيطان ولنكف عن الدفاع عنها كأنها ملاك، هي مجرد شركة، والبرامج الحرة ليست هي الأفضل لأنها فقط برامج حرة، فلها نصيبها من المشاكل والأخطاء، فلنكتب عن التقنيات بلغة عقلانية، نعم قد يحب بعضنا هذه الشركة أو هذه البرامج وقد يكره ما سواها، هذا من حق كل إنسان، ما أتمناه هو فقط أن نكتب بموضوعية وعقلانية، ولا ننقل تعصب ملاعب الكرة وأحزاب السياسة إلى عالمنا التقني، نحن أحوج ما نكون إلى أن نفهم أن هذه التقنيات ما هي إلا أدوات ... أدوات فقط.