السبت، 16 أبريل 2005

لا تنسوا حرية نشر المعلومات

عودة للحديث عن المتصفحات التي يفترض أن تكون محررات نصوص في نفس الوقت، تصور تيم برنيرز لي لشبكة الويب يقوم على نقطتين، الأولى هي حرية نشر المعلومات للجميع، فمن حق الجميع أن ينشروا ما يريدون دون عوائق، والثانية هي حرية الوصول إلى هذه المعلومات، وفي السنوات الماضية ركز الناس أكثر على النقطة الثانية، حرية الوصول إلى المعلومات، ولا زلنا بحاجة إلى زيادة مساحة هذه الحرية، ولا أعني بذلك التشريعات والنظم بل أكثر من ذلك، بكل تأكيد نحن بحاجة إلى نجعل حرية الوصول إلى المعلومات مصانة بالقانون، ونحتاج أيضاً إلى توعية واسعة لأصحاب المواقع التي تمنع البعض من الوصول إليها بسبب التقنيات التي تستخدمها، فإذا كان الموقع موجهاً فقط لمتصفح واحد فهذا يعني أن الذين يستخدمون متصفحات أخرى لن يصلوا إلى هذه المعلومات والخدمات التي يحويها الموقع، ومن المفترض أن تكون المواقع مرنة ويمكن الوصول لها باستخدام أي متصفح وأي جهاز، إذاً حرية الوصول إلى المعلومات ليست فقط قوانين وأنظمة، بل مبادئ وتقنيات يجب أن يطبقها أصحاب المواقع.

لنعد إلى النقطة الأولى، حرية نشر المعلومات، في وقتنا الحالي من أراد أن ينشر معلومات ما في الشبكة فإن عليه أن يمر بخطوات كثيرة قبل أن يصل إلى مرحلة نشر المعلومات، عليه أن يقوم بالتسجيل في مستضيف سواء كان مجانياً أو تجارياً، وعليه أن يتعمل في الغالب لغة HTML أو استخدام برنامج مثل دريم ويفر أو فورنت بيج لكي يكتب المحتويات ويصمم الموقع، وربما عليه أن يتعلم كيفية استخدام برنامج FTP، ولعل البعض يذهب خطوة أخرى للأمام فيبدأ في تركيب وتعديل البرامج مثل المدونات أو المنتديات، كل هذه الأشياء تحتاج إلى تعليم وتدريب قبل أن يتقنها المرء، ولدينا الكثير من الناس ليس لديهم أدنى استعداد لتعلم مثل هذه الأمور، فبعضهم يعتبرها معقدة وبعضهم كبر في السن لدرجة لا يريد بعدها أن يعقد حياته بشيء جديد.

في جانب آخر الكثير من هؤلاء الناس يعرفون كيفية استخدام المتصفحات، ويعرفون استخدام برامج تحرير النصوص مثل Word، هنا يأتي دور المتصفحات التي تعمل في نفس الوقت كمحررات نصوص، وهي اليوم نادرة ولا أعرف متصفحاً يفعل ذلك سوى أمايا، وهو ليس مجرد محرر نصوص هنا، بل أكثر من ذلك، يحوي خصائص للرسم وإمكانية كتابة معادلات رياضية، لكن كيف يمكن لهذا المتصفح أن يقدم حلاً لمشكلة نشر المعلومات؟

في إحدى الجامعات الإماراتية، يعتمد موظفو الجامعة على برنامج فورنت بيج لإنشاء الصفحات ونشرها في شبكة الجامعة، وهذا يعني أن الجامعة تنفق بعض المال من أجل تدريب الموظفين على استخدام البرنامج، وتنفق أيضاً على شراء رخصة للبرنامج لكل موظف، وهذا يعني أيضاً أن الموظف إذا أراد تغيير صفحة ما فعليه أن يعدلها في جهازه ثم يضعها في المزود، وأخيراً فورنت بيج ينتج صفحات مثقلة بالكثير من الأوامر غير الضرورية وهي في الغالب لا تتوافق إلا مع إكسبلورر.

لنتصور أن الجامعة تستخدم مزوداً يسمح للموظفين بإنشاء وتعديل الصفحات من خلال المتصفح مباشرة، وهذا ما يمكن فعله باستخدام مزود أباتشي، وتستخدم متصفحاً يعمل كمحرر نصوص أيضاً، كل ما على الموظف هنا هو تصفح شبكة الجامعة وتعديل الصفحات التي يريد تعديلها ويقوم بإنشاء صفحات جديدة إذا لزم الأمر، هذا الأسلوب يعني وقت تدريب أقل، والجامعة ليست بحاجة إلى شراء رخص للمتصفح فهو في الغالب مجاني، والموظف يختصر الوقت لتعديل الصفحات فهو يعدلها مباشرة في المزود بدلاً من تعديلها في حاسوبه ثم وضعها في المزود، وفي الغالب ستكون الصفحات متوافقة بشكل أفضل مع المعايير القياسية وستكون أصغر حجماً وتخلوا في الغالب من الأوامر غير الضرورية.

بهذا الأسلوب اختصرنا الوقت ووفرنا التكاليف وزدنا من معدل إنتاجية الموظف، والجامعة هنا مجرد مثال، هناك شركات كبيرة لديها شبكات داخلية تحتاج إلى مثل هذا الحل لتوفير الوقت والتكاليف وزيادة الإنتاجية، وحتى المواقع العامة يمكنها أن تستخدم نفس الأسلوب لتحصل على نفس الفوائد، يمكن لمواقع الاستضافة أن توفر هذه الخاصية للمستخدم فلا يحتاج عندها إلى لحجز مساحة ثم يبدأ مباشرة في نشر المحتويات، الإمكانيات التي توفرها هذه الخاصية كبيرة.

قد يقول أحدكم هنا: لكن هذا يعني أن أجعل الموقع "وكالة من غير بواب" ويأتي من هب ودب لتخريب الموقع، خاصية تعديل الصفحات مباشرة من خلال المتصفح يمكن حصرها بأناس محددين، فلا يستطيع غيرهم تعديل أي شيء، ويمكن حصرها بجزء من الموقع وليس كل الموقع، ويمكن للمزود أن يحتفظ بنسخ متعددة من كل صفحة بحيث يمكن الرجوع لها وقت الضرورة، تماماً كمواقع الويكي، بعضها مفتوح تماماً للجميع، وبعضها يسمح لأناس محددين بتعديل الصفحات وبعضها يسمح للآخرين بتعديل جزء محدد من الصفحات.

مرة أخرى أذكر بأننا يجب أن نزيد وعي الآخرين بأهمية حرية الوصول إلى المعلومات وفي نفس الوقت لا ننسى أهمية حرية نشر المعلومات، لدينا عقول كثيرة في عالمنا الإسلامي والعربي ومن مصلحتنا أن نوسع حرية نشر المعلومات ونبسطها للجميع.