الخميس، 16 فبراير 2006

كتاب: The Art of Innovation

مؤلف الكتاب هو توم كيلي مع جونثان ليتمان، توم كيلي يعمل إدارياً في شركة إديو التي شارك في تأسيسها أخوه ديفيد كيلي، شركة أديو يصعب تعريفها فهي شركة مبدعة، تقوم بأبحاث ودراسات وتبتكر المنتجات لصالح الشركات الأخرى، وقد ساهمت في تطوير العديد من المنتجات الشهيرة مثل بالم في، والفأرة الأولى لحواسيب أبل، وكذلك الفأرة الأولى لمايكروسوفت، وغيرها من المنتجات.

الكتاب يتحدث عن الإبداع وأهميته في عالم الشركات، والجميل فيه أنه ليس كتاباً نظرياً بل هو كتاب عملي يذكر الكثير من الطرق للإبداع وتشكيل بيئته، ويحوي عشرات القصص حول منتجات وأفكار نجح بعضها وبعضها فشل، وفي الحالتين هناك ما يمكن تعلمه من هذه القصص.

اكتشاف المشكلة والتعرف عليها

عندما تبدأ في تطوير منتج جديد فأنت هنا تحاول تقديم حل لمشكلة ما، الخطأ الذي يقع فيه الكثير من الناس والشركات هو تصورهم أنهم يعرفون كل شيء عن هذه المشكلة أو هذا المنتج ويعرفون ماذا يريد الناس، وعلى هذا الأساس يطورون منتجهم الذي قد يواجه الفشل لأسباب لم يفكروا فيها.

اكتشاف المشكلة والتعرف عليها يعني أن تلغي كل الأفكار والتصورات المسبقة لديك، وتنزل إلى أرض الواقع لتتعرف على الناس وكيف يتعاملون مع هذه المشكلة، ولماذا يستخدمون هذا المنتج، وتشتري بعض النماذج المشابهة للمنتج الذي تريد ابتكاره وتدرسها لكي تعرف إيجابياتها وسلبياتها، ثم تسأل الخبراء عن آرائهم وخبراتهم، ويمكن أن تختم كل هذا بعمل فيلم قصير يصور كل شيء تعلمته في مرحلة "التعرف على المشكلة".

الكتاب طرح مثالاً عملياً هنا وهي عربة التسوق، هناك العديد من المشاكل التي تجدها في عربات التسوق، تكلفتها كبيرة وتكلفة صيانتها عالية، وكلما ازداد عدد مستخدمي عربات التسوق يحدث زحام في المحل، مقاعد الأطفال في عربات التسوق غير مريحة.

هناك مشاكل أخرى لا يمكن اكتشافها إلا إذا نظرت بشكل مختلف وسألت الناس وراقبتهم.

العصف الذهني

العصف الذهني هو ترجمة Brainstorming، وهو أسلوب لابتكار الأفكار لعل بعضكم مارسه أو تعلمه، العصف الذهني يبدأ باجتماع ثلاثة أشخاص أو أكثر في غرفة تحوي بعض الأدوات مثل الأوراق والألوان ولوحات الكتابة، يحدد رئيس الجلسة المشكلة ويبدأ الآخرون في طرح الأفكار لحلها، لا يهم نوعية الأفكار بل عددها، لذلك لا بأس من طرح أفكار سخيفة أو صغيرة أو غير معقولة، يشترط هنا ألا ينتقد أي شخص أي فكرة، الحكم على الأفكار يأتي بعد انتهاء جلسة العصف الذهني، في الغالب الجلسة الواحدة تستمر ساعة أو ساعة ونصف، ويمكن للفريق الواحد أن ينتج مئة فكرة أو أكثر خلال الجلسة.

يقول توم كيلي عن العصف الذهني بأن مدراء الشركات يظنون أنهم يمارسون العصف الذهني، فهم يقومون بمثل هذه الجلسات مرة كل شهر، وهذا لا يكفي، عليهم أن يمارسوا العصف الذهني كل يوم أو كل أسبوع على الأقل.

لو عدنا لمثال عربة التسوق سنجد أن شركة أديو ابتكرت عربة تسوق مختلفة تعالج الكثير من المشاكل لعربات التسوق الحالية، الكثير من هذه الأفكار التي طبقت في عربة التسوق ابتكرت في جلسة عصف ذهني استمرت لساعة واحدة.

النماذج الاختبارية

كيف يمكنك معرفة إذا كانت هذه الفكرة أو تلك عملية أم لا؟ أبسط طريقة لمعرفة ذلك أن تقوم بعمل نموذج اختباري سريع للفكرة، في أديو يستخدمون مواد كثيرة لعمل النماذج الاختبارية مثل الخشب والبلاستك والمعادن على اختلافها، ويقومون بإنشاء عشرات النماذج الاختبارية التي تتطور وتتغير حتى تصل إلى نموذج واحد يتخلص من مشاكل النماذج السابقة ويحوي أفكاراً جديدة.

حتى في مجال الخدمات يمكن إنشاء نماذج اختبارية عبر تصوير فيلم يصور كيف ستقدم الخدمة للزبون وما هي مميزات هذا الأسلوب وسلبياته.

بالتجربة العملي يمكنك اختصار الكثير من الوقت والجهد، التجربة لا يجب أن تكون كبيرة بل صغيرة وعلى نطاق ضيق، يمكنك أن تختبرها بنفسك أو مع زملائك أو تعتمد على بعض الزبائن الذين تثق بهم.

بيئة العمل

كلما كانت بيئة العمل صارمة وتضع ضوابط كثيرة على الموظفين يقل معدل الإبداع والابتكار في هذه البيئة، في شركة أديو بيئة العمل مختلفة تماماً عن شركات كثيرة، فالموظفون يلعبون ولكل شخص الحرية الكاملة في أن يلبس ما يريد ما دام أنه لباس محتشم، وله حرية تشكيل مكتبه كما يشاء كأن يضع ألعاباً ودماً كبيرة، لا توجد في هذه الشركة مكاتب مخصصة للمدراء وأخرى مخصصة للموظفين فالكل يحصل على نفس المساحة ونفس المكتب ويمكن لمن أراد أن يقوم بإنشاء مكتبه بنفسه، وهذا ما فعله الكثير من الموظفين في هذه الشركة، فهم مهندسون ويمكنهم ابتكار مكاتبهم الخاصة.

بيئة العمل في أديو مرحة، فقد يذهب الموظف في إجازة ليومين ليعود ويجد أن كل شيء في مكتبه تم تثبيته على الحائط بمادة صمغية قوية، أو يجد أن مكتبه اختفى تماماً! الموظفون لديهم مطلق الحرية في قضاء وقتهم في اللعب والابتكار والتلوين والذهاب إلى محلات الألعاب.

البيئة الصارمة لا تنتج بقدر ما تفرض على الموظفين أموراً كثيرة قد لا يرغبون بها، البيئة الصارمة لا يريد فيها المدراء إنتاج شيء ما بقدر بحثهم عن السلطة والسيطرة والاحساس بأن كل شيء يقع تحت أيديهم.

لا تكتفي بالنظر للمنافسين فقط

إذا كنت تملك شركة برمجة ففي الغالب ستنظر إلى شركات البرمجة الأخرى لكي تبحث عن أفكار جديدة، لكن توم كيلي يقول أنهم في أديو ينظرون إلى كل الشركات وفي كل قطاعات الأعمال حتى تلك التي لا تنافسهم، لأنهم يبحثون عن الأفكار الجديد وهذه الأفكار قد تجدها لدى الجميع وفي كل مكان، فلا تكتفي بمراقبة المنافسين.