الخميس، 2 مارس 2006

ما الذي سأفعله في المرحلة القادمة

كتبت قبل شهر تقريباً موضوعاً بعنوان: هل تريد زواراً أكثر لموقعك؟ ركز على المحتويات إذاً، وقد كان الموضوع ملخصاً لمقالة كتبها ستيف بافلينا، مقالة قرأتها أكثر من مرة وفي كل مرة أرى أن علي تطبيق ما فيها، فأنا أريد زواراً أكثر لموقعي، لأنني أريد تحقيق رسالتي، أريد الخير للآخرين، ما أستمتع به حقاً هو تعليم الآخرين بأي وسيلة، وموقعي وسيلة مهمة لتحقيق هذه الغاية.

لماذا التعليم؟ لأن التخلف ما هو إلا نتيجة الجهل، مشاكلنا التي لا تنتهي لن تنتهي حتى نكسر دائرة الجمود، ودائرة الجمود لن تنكسر بعقول فارغة، فلا بد من التعليم وبأي وسيلة لكي ننهض ونتقدم في ركب الأمم، قد لا أرى نتيجة لما أفعله في حياتي، لا بأس، قد تظهر النتيجة بعد سنوات طويلة، سأنتظر، لكنني من الآن وصاعداً لن أتكلم في الوقت الذي يمكنني أن أفعل شيئاً، سأحاول بقدر الإمكان ألا أشتكي أو أنتقد إلا إذا علمت أنني سأغير شيئاً بنقدي وشكواي.

قرأت الكثير من المدونات العربية والأجنبية التي تحوي شكاوي ونقداً للآخرين، وجدت أن معظم هذه المدونات لا تقدم شيئاً إلا لصاحبها الذي "يفضفض" في مساحة خاصة به، أتسائل كثيراً ما الفائدة من هذا الموضوع الذي ينتقد بشدة شخصاً ما أو تياراً فكرياً ما أو يشتكي من الأوضاع السيئة؟ لا أجد مثل هذه المواضيع تبني شيئاً، ولا تقدم حلاً، بعضها يهدم ولا يبني.

لا أريد لموقعي هذا أن يكون من صنف هذه المدونات، أريد لموقعي أن يكون حياً بالمحتويات المفيدة، وما كتبته في الماضي يحوي الكثير من المواضيع التي أجدها غير مفيدة.

ما سأفعله هو التالي: سأعود إلى النظام السابق، أي موضوع واحد كل يومين أو ثلاثة أيام، موضوع واحد مفيد خير من عشرات المواضيع القصيرة، الروابط لن أضعها في المواضيع، بل في عمود جانبي وبدون تعليقات، سأركز على مجالات متنوعة في عالم التقنيات، مثل تطوير المواقع، البرمجة، أنظمة التشغيل، البرامج الحرة والحواسيب بشكل عام، سأحاول أن أجعل المواضيع غنية وثرية بالمعلومات، وسأبدأ في كتابة سلسلة مواضيع، فمثلاً أريد أن أكتب عن المعايير القياسية بالتفصيل الممل، ثم عن XHTML، بعد ذلك أستطيع أن أعيد إنشاء قسم CSS الذي لم أجدده منذ وقت طويل.

بهذا الترتيب القارئ سيشكل قاعدة أساسية في ما يتعلق بالمعايير القياسية، ويستطيع بعدها أن يستخدم هذه المعايير بشكل عملي صحيح، في الماضي قفزت مباشرة إلى تعليم CSS ولم تكن النتيجة مرضية لأسباب عدة، منها أنني شخصياً لم أتعمق كثيراً في تعلم هذه التقنية وتعلم المعايير الأخرى.

بعد أن يصبح الموقع غنياً بالمعلومات يمكنني أن أفكر في كتابة الكتب لكي تجمع شتات المواضيع والمعلومات وتحتفظ بها لمن يريد الفائدة.

نحن بحاجة إلى مدونات تفعل نفس الشيء لكن في مجالات أخرى، نريد التوعية في مجالات البيئة، الصحة، السياسة، الاقتصاد، الشؤون الاجتماعية وغيرها الكثير من المواضيع، من الخطأ أن يكتفي الإنسان بالقراءة والتعلم ولا يقوم في نفس الوقت بتعليم الآخرين، تبادل المعلومات والخبرات سيجعلنا أكثر فعالية في إحداث تغيير نحو الأفضل، أما الأنانية على اختلاف أشكالها لن تساعد أحداً حتى الأناني نفسه.

مدونة الإمارات ودورها

مدونة الإمارات لا زالت في بدايتها، أعتقد أنها مشت نصف خطوة فقط حتى الآن، ولا بأس في ذلك، لأنني أعتقد أن المدونة سيكون لها دور أكبر بكثير من دورها الحالي، لكن هذا الدور لن يأتي فجأة بل بالتدريج، مدونة الإمارات لن تكون مكاناً لاجتماع بعض الكتّاب بل على هؤلاء الكتاب أن ينزلوا لأرض الواقع وينقلوا ما يرونه للآخرين، هذا الموقع سيكون نقطة التقاء بين الناس، بين المهتمين بالشأن الإماراتي، هدف الموقع الأساسي هو إحداث تغيير في الواقع نحو الأفضل بكل السبل المتاحة، ومن ضمنها تنظيم مشاريع عملية على أرض الواقع، ليس لدي فكرة الآن عن كيفية عمل هذه المشاريع، لكن ستأتي الفكرة وستطبق، وإلا فعلينا أن نغلق الموقع لأنه لن يكون إلا مجرد نسخة أخرى من مواقع ومنتديات كثيرة.

ما أريده في مدونة الإمارات أتمنى أن أراه في مدونات أخرى، أتمنى أن أرى مدونة المغرب، الجزائر، سوريا، مصر، السودان وغيرها من الدول، أريد أن تعرفني هذه المواقع بحياة الناس في هذه الدول، تنقلني لأفهم أوضاع هذه الدول، تعرفني بالمدن والقرى، تعرفني بالتاريخ والتراث، تنقل لي صورة حية عن المجتمع.

باختصار: أريد المدون الذي يصبح صحفياً ومصلحاً في نفس الوقت، صحفياً في نقله للأخبار وكتابته للمواضيع، ومصلحاً في نزوله لأرض الواقع ومحاولته التغيير نجو الأفضل.

مؤسسات النفع العام والتطوعية وبناء الثقة

تصور أنك تريد إنشاء شركة برمجة، لديك أفكار رائعة، لكنك لا تستطيع أن تقوم بتنفيذها بنفسك، قمت بعمل دراسة سريعة وتبين لك أنك بحاجة إلى ثلاثة موظفين، مبرمجان ومصمم، تنظر حولك فلا تجد في من تعرف أي شخص يمتلك موهبة البرمجة أو التصميم، هناك ستضطر للبحث عن هؤلاء الموظفين بالأساليب التقليدية، إما إعلان في جريدة وستأتيك مئات السير الذاتية، أو ستبحث في الجامعات، وفي الحالتين لا تستطيع أن تثق بقدرات هؤلاء الذين تقدموا بطلبات التوظيف، فأنت لا تعرفهم وقد يتبين لك بعد زمن أنهم ليسوا بالمستوى الذي تريد.

دعنا ننتقل إلى صورة أخرى مختلفة قليلاً، أنت عضو في نادي للكمبيوتر، هذا النادي يضم عشرات الأعضاء، مبرمجين ومصممين وطلبة هندسة إلكترونية وأساتذة وهواة، يجتمعون لكي يمارسوا هواياتهم، تعقد دورات ومؤتمرات وندوات ومعارض متنوعة وأنشطة مختلفة، أنت تعرف الكثير من هؤلاء الأعضاء وتعرف جيداً مستوياتهم وقدراتهم، إذا قمت بإنشاء شركة، من أين ستأتي بموظفين؟ الإجابة البديهية: من النادي، لأنك تثق بقدرات الأعضاء وتعرفهم جيداً ولأنك قضيت معهم ما يكفي من الوقت لكي تبني علاقة قوية مع بعضهم.

بناء الثقة بين أفراد المجتمع، هذه من أهم فوائد المؤسسات التطوعية وجمعيات النفع العام، وهناك فوائد كثيرة، فالقطاع الأهلي أو القطاع الثالث كما يسميه البعض يستطيع أن يقدم خدمات لا يمكن للقطاع الحكومي أو الخاص أن يقدمها، لا بل هناك خدمات يجب أن يقدمها القطاع الثالث للمجتمع، التعليم لم يعد حكراً على القطاعين الخاص والعام، التوعية في شتى المجالات هي مهمة القطاع الثالث.

في الإمارات أعتقد أن مؤسسات النفع العام بحاجة إلى تغيير جذري لكي تتحرك، المشكلة متعددة الأبعاد هنا، القانون الذي ينظم شؤون هذه المؤسسات قديم وغير عملي ويحتاج إلى تغيير، الكثير من المواطنين ليس لديهم اهتمام بالعمل التطوعي مع ثقتي الكاملة بأن المواطن يرغب في خدمة بلاده إذا وجد فرصة لذلك، إدارة هذه المؤسسات بحاجة إلى تطوير، لأن بعض مؤسسات النفع العام شبه ميتة بسبب الإدارة قبل كل شيء.

بالطبع بعض الدول العربية لديها قطاع أهلي فعال لا يعاني من هذه المشاكل، أنا أتحدث عن مجتمع الإمارات هنا.

الخلاصة

ما سأركز عليه في المرحلة القادمة هو التالي:

  • كتابة محتويات مفيدة غنية في موقعي.
  • النزول لأرض الواقع ومحاولة إحداث تغيير إيجابي، ومدونة الإمارات ستكون وسيلة لفعل ذلك.
  • سأركز بشكل كبير على موضوع مؤسسات النفع العام، يجب أن يتحرك هذا القطاع في الإمارات لكي يسد فراغاً كبيراً في مجتمعنا.

هذا كل شيء، أسأل الله أن يوفقني في إنجاز شيء مفيد.