الجمعة، 10 مارس 2006

عصر الإعلام الشخصي

قمت بالأمس بتقديم محاضرة قصيرة بعنوان عصر الإعلام الشخصي، في مدينة الشارقة، وبالتحديد في المنتدى الإسلامي، وهذا ملخص لما طرح في الدورة.

بين القديم والحديث

نحن في زمن يمكن لأي شخص أن يكون إعلامياً باستخدام بضعة وسائل، وسأتحدث اليوم عن وسيلتين من وسائل الإعلام الشخصي، وعندما أقول الإعلام هنا لا يعني ذلك أن يكون المرء متخصصاً في مجال الإعلام ودارساً له، بل يمكن لأي شخص من غير المتخصصين في الإعلام أن يستخدم هذه الوسائل ويكون إعلامياً.

وسائل الإعلام التقليدية مثل الإذاعات والصحف والفضائيات تعاني من بعض السلبيات، فهي محتكرة في أيدي قلة من الناس، إما الحكومات أو الشركات ورجال الأعمال، من الصعب على الفرد الواحد أن ينافس هذه الوسائل ويقوم بإنشاء فضائية أو صحيفة كبرى، أضف إلى ذلك أن بعض الحكومات تفرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام فلا ينشر ولا يبث إلا ما يمجد الحكومة ويذكر منجزاتها، أما غير ذلك فيمنع ويحارب.

والوسائل الإعلامية تعاني من قصور بخصوص التفاعل مع المتلقي، فالتفاعل يسير هنا في اتجاه واحد، من الفضائية إلى المشاهد، ومن الإذاعة إلى المستمع، ولا يستطيع المتلقي المساهمة في هذه الوسائل، وحتى لو استطع قلة من الناس فعل ذلك بالمشاركات الهاتفية هؤلاء قلة نادرة بين المئات والآلاف من الناس الذين يستطيعون تقديم شيء، على الأقل وجهات نظرهم.

لكن كل هذا تغير مع ظهور شبكة إنترنت.

تاريخ مختصر لشبكة إنترنت

ظهرت هذه الشبكة في عام 1969م في الولايات المتحدة الأمريكية وكانت تسمى في ذلك الوقت أربانت، وكانت تستخدم للأغراض العسكرية في البداية، ثم انضم للشبكة معاهد الأبحاث والجامعات والمؤسسات، في عام 1983م ظهرت شبكة إنترنت، وقد كانت الشبكة في ذلك الوقت تحوي مجموعة مختلفة من الخدمات، مثل البريد الإلكتروني، ومجموعات النقاش التي تشبه في أيامنا هذه المنتديات لكن كل النقاشات تكتب وتدار من خلال برنامج البريد الإلكتروني، وهناك أيضاً خدمة نقل الملفات وخدمات أخرى مختلفة.

لم يكن هناك شيء اسمه مواقع ومتصفحات، لم يكن هناك شيء اسمه أمازون أو ياهو أو هوتميل، هذه الخدمة لم تظهر بعد.

في عام 1991م ظهرت شبكة World Wide Web أو WWW اختصاراً، اخترعاها عالم الفيزياء البريطاني تيم بيرنرز لي في سويسرا وبالتحديد في المنظمة الأوروبية لأبحاث الطاقة النووية، وقد كان الهدف من هذا الاختراع ربط أنظمة المعلومات المختلفة وغير المتوافقة في المنظمة بنظام واحد يبسط عملية تبادل المعلومات ويربط بين هذه الأنظمة.

كان بإمكان تيم أن يصبح أغنى رجل في العالم لكنه قدم هذا الاختراع مجاناً للجميع ولم يستفد منه تجارياً، وقامت على هذا الاختراع صناعات كثيرة، ظهرت شركات أصبحت معروفة خلال سنوات قليلة وعلاماتها التجارية تنافس علامات تجارية عمرها أكثر من مئة عام، شبكة الويب أصبحت صناعة تدر المليارات سنوياً وتوفر آلاف الوظائف وتبسط عملية تبادل المعلومات، شبكة الويب في رأيي هي أحد أهم المخترعات في تاريخ الإنسانية، وهذه ليست مبالغة، أنظر للعالم قبل الويب وبعده ولاحظ الفرق.

المواقع الأولى

مع ظهور شبكة الويب ظهرت مواقع كثيرة مشهورة مثل ياهو وأمازون وغيرها، وقد كانت هناك مواقع شخصية متنوعة، بعضها مختلف بسبب طريقة كتابة المواضيع، فالمواضيع تكتب يومياً وقد يكتب أكثر من موضوع في يوم واحد، كانت هذه المواقع تسمى بأسماء مختلفة، يوميات أو مفكرات.

في عام 1997م ظهر اسم جديد لهذه المواقع وهو weblog وبترجمة حرفية يعني المصطلح: سجل الويب، تحول هذا المصطلح في ما بعد إلى blog أما عربياً فقد سمينا هذه المواقع بإسم: مدونة وجمعها مدونات.

في عام 1999م ظهرت خدمة Blogger وبظهور هذه الخدمة بدأت فكرة المدونات تنتشر، يمكن لأي شخص أن يقوم بإنشاء مدونته خلال خمس دقائق، وفي أيامنا هذه تظهر كل يوم 80 ألف مدونة جديدة، معظمها يتوقف بعد الموضوع الأول، والقليل منها يكمل عاماً كاملاً والقليل منها يصبح مشهوراً.

ما يميز المدونات أنها سهلة الاستخدام سواء لصاحب المدونة أو للزوار، فصاحب المدونة يستطيع أن يقوم بإنشاء مدونته في دقائق، وبعد ذلك لا تحتاج عملية الكتابة لأي جهد، فهي سهلة وبسيطة، ولا يحتاج الموقع إلى أي إدارة تقريباً، فكل شيء ينظم من خلال برنامج المدونة، أما الزوار فهم يرون أن معظم المدونات تتشابه من حيث ترتيب المحتويات وتقسيمها وبالتالي يسهل عليهم تصفح هذه المدونات، والتعليق على المواضيع ليس عملية صعبة وفي الغالب لا يحتاج الزائر إلى أن يقوم بالتسجيل لكي يعلق على أي موضوع.

الميزة الثانية في المدونات أنها توفر مساحة شخصية لصاحب المدونة، فيستطيع أن يكتب آراءه وأفكاره بعيداً عن مقص الرقيب، وقد يحتج زائر على هذه الآراء، وهنا الحل بسيط: يمكن للزائر ألا يعود للمدونة التي تحوي آراء لا توافق هواه، يمكنه أن يتحاور مع صاحب الموقع لكنه لا يستطيع أن يفرض وجهة نظر معينة على صاحب المدونة.

الميزة الثالثة هي وجود كل أعمال صاحب المدونة في مكان واحد، فبدلاً من أن يفرق كتاباته وأعماله على مواقع عدة يجمعها في مكان واحد.

استخدامات المدونات

في الغالب المدونات هي مواقع شخصية، لكن لها استخدامات كثيرة أخرى، فيمكن إنشاء مدونات متخصصة في جانب ما، ومثل هذه المدونات تقدم الكثير من الفوائد للمهتمين بهذا التخصص، فكل يوم هناك دروس وروابط جديد، كل يوم يحوي أفكاراً وحوارات جديدة، مثل هذا التجدد والنشاط لا تجده في المواقع التقليدية إلا نادراً.

أما المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة أو الأهلية فيمكنها أن تستفيد من المدونات بعدة طرق، فيمكن للمؤسسة أن تتواصل مع زبائنها مباشرة فتسمع آرائهم ومقترحاتهم وانتقاداتهم، فتبني بذلك جسور الثقة بينها وبين عملائها، كذلك يمكنها أن تقدم دعماً فنياً للزبائن مباشرة عبر المدونة، ويمكنها أن تسوق منتجاتها بأسلوب غير رسمي وبعيداً عن مبالغات رجال التسويق.

أما المؤسسات التعليمية فيمكنها أن تستفيد من المدونات بأن تتواصل مع الطلبة من خلال المدونات فتطرح المشاريع والواجبات من خلال المدونة، ويمكن طرح الدروس وبوسائل مختلفة من خلال المدونة، يمكن للمدرسة أن تتواصل مع أولياء الأمور وتخبرهم بأنشطة المدرسة وأخبارها، يمكن للطلبة أن يكتبوا في المدونات لكي يتعلموا مهارات كثيرة، مثل الكتابة والحوار وإدارة المواقع.

هناك أنواع مختلفة من المدونات، فهناك مدونات مصورة، يضع فيها صاحب المدونة صوراً كل يوم أو كل أسبوع ويعلق عليها، وهناك مدونات روابط تنشر فقط روابط مفيدة، وفي الغالب تكون الروابط متخصصة في مجال واحد.

كيف تقوم بإنشاء مدونتك؟

تحدثت هنا سريعاً عن كيفية إنشاء مدونة، فإما أن تستخدم خدمة مجانية لإنشاء المدونة وهذا ما أنصح به لمن يريد معرفة عالم المدونات ويتعود عليه، أو أن يقوم المرء بإنشاء مدونته بنفسه وهذا خيار أفضل للجادين في تطوير مدوناتهم، تحدثت عن نصائح مختلفة، فلا بد للمدون أن يكتب كثيراً، ولا بأس أن يكتب مواضيع سريعة وقصيرة أو شخصية، فالمدونة في الأصل صممت لذلك، أي لنشر المواضيع بسرعة، النصيحة الثانية هي: قدّم فائدة، هناك الكثير من المدونات الشخصية التي يتحدث فيها أصحابها عن أنفسهم فقط، طبعاً ليس من حق أحد أن يمنعهم من فعل ذلك، ما أحث عليه هو البحث عن الأجر والبحث عن الإنجاز، لأن المدونة وسيلة إعلامية ويمكن أن تكون مؤثرة وبشكل إيجابي، النصيحة الثالثة هي: كن صريحاً وهذا يعني أن تعبر عن آراءك مهما كانت بأسلوب مؤدب ولا تهتم بردود الأفعال، فمن لا يعجبه رأيك يمكنه ألا يزور موقعك، أخيراً: لا تعزل نفسك، وأعني بذلك أن تضع روابط مفيدة لمواقع أخرى، ولا تخشى أن يخرج الزوار من موقعك لأنهم إن وجدوا فيه فائدة سيعودون كل يوم وسيقدرون جهودك في نشر هذه الروابط.

بود كاست

مصطلح Podcast هو في الأصل مصطلح مثير للحيرة، فهو يتركب من كلمتين pod التي جائت من اسم جهاز iPod وcast التي أتت من كلمة broadcast، وفي مدونة الأخ جهاد ترجم هذا المصطلح إلى "التدوين الصوتي"، وسأستخدم هذا المصطلح حتى يظهر ما هو أفضل منه، وفي مدونة الأخ جهاد ستجدون كل ما تريدون معرفته عن التدوين الصوتي.

إذا أردت إنشاء ملفات تدوين صوتي فأنت بحاجة إلى مايكروفون وسماعات وبرنامج لتسجيل الملفات الصوتية، وإن كنت جاداً في إنتاج ملفات التدوين الصوتي فعليك أن تنفق بعض المال في شراء أجهزة جيدة، والأهم من كل هذا أن تكون لديك محتويات جدية، فالبود كاست عبارة عن إذاعة يمكن لأي شخص أن يستمع لها في الوقت المناسب له، وهناك فرصة كبيرة لإبداع الكثير من المحتويات، مثل اللقاءات، الدروس، المدارسة يمكنها أن تطرح الدروس على شكل مدونة صوتية، المؤسسة يمكنها أن تدرب الموظفين عن طريق التدوين الصوتي، هناك فرصة للإبداع فأبدع.

ملاحظات متفرقة

  • استخدمت برنامج أوبن أوفيس لإنشاء العرض، والجميل في أوبن أوفيس أنه يستطيع حفظ أي ملف بصيغة PDF بدون أي حاجة لبرامج أخرى مساعدة.
  • لأنني أعرف أن الحاسوب الذي سأستخدمه لن يحوي أوبن أوفيس أو نظام لينكس، قمت باستخدام USB Flash لحفظ نسخة من برنامج أوبن أوفيس تعمل مباشرة من مفتاح USB ولا تحتاج إلى تثبيت.
  • كان الدرس نظرياً فقط، وقد كان قصيراً وسريعاً، لأنني توقعت أن يكون عدد الحضور أكبر وبالتالي أسألتهم أكثر، لكن عدد الحضور كان قليلاً، لذلك كان من الأفضل لي أن أعد مادة عملية.
  • يمكن أن تقوم بتشغيل مزود ويب وتركيب برنامج وورد بريس على مفتاح USB وهكذا يمكنك أن تقدم درساً عملياً دون أن تثبت أي برنامج على الحاسوب وبدون أن تحتاج إلى اتصال بالشبكة، السلبية الوحيدة هنا أن البرامج ستعمل ببطئ.
  • بعد الدرس توفر لنا حاسوب واحد متصل بالشبكة، قمت بعرض بعض المدونات وأجبت على بعض الأسئلة، تطبيق شبه عملي أفضل بكثير من أي شرح نظري.