الخميس، 23 مارس 2006

التعقيد لا يعالج بمزيد من التعقيد

هل تستطيع أن تقوم بكتابة رسالة في نفس الوقت تقوم بالدردشة مع أحد زملاء العمل في برنامج المسنجر ثم يرن هاتفك النقال فتتحدث مع أحد أصدقاءك، هل تستطيع أن تفعل ذلك في نفس الوقت؟

الكثير منكم سيقول: نعم أستطيع، شخصياً لا أستطيع فعل ذلك، تركيزي دائماً يجب أن يكون منصباً على وظيفة واحدة فقط، وقد جربت أكثر من مرة أن أفعل أكثر من شيء في نفس الوقت فكانت النتيجة سيئة، إما صديق لا يعجبه أن أفعل أي شيء آخر سوى الحديث معه - وهذا من حقه - أو عمل لا يرقى لمستوى الجودة الذي أريد.

الكثير من الناس يظنون أنهم يستطيعون إنجاز أكثر من عمل في وقت واحد، لكن الدراسات تثبت أن من يريد الإبداع وإنجاز أعماله بإتقان عليه أن يركز على عمل واحد فقط، الروايات الرائعة، والإنجازات الرياضية الشهيرة، والبرامج المشهورة، والكثير من الأعمال الأخرى التي نتذكرها كلها أنجزت بتركيز المرء على شيء واحد فقط.

كتب حول هذا الموضوع في الأيام الماضية مجموعة من المواضيع، يمكنك قراءة ما كتب في مدونة Creating Passionate Users بعنوان: Multitasking makes us stupid? وبترجمة حرفية: هل تعدد المهام يجعلنا أغبياء؟ المقالة تحوي روابط لمقالات أخرى حول نفس الموضوع.

طبقات التعقيد

عندما ظهرت التقنيات الحديثة كنا نسمع عن اختصار المسافات والزمن والتكاليف، نسمع عن الوقت الذي سنوفره لأمور أخرى أكثر أهمية مثل العائلة وإنجازاتنا الشخصية، لكن الذي حدث أن الأعمال ازدادت، أصبح الناس يعملون مع بعضهم البعض من مسافات بعيدة، الشركات الآن يمكنها الآن أن تعمل على مدار الساعة، ففرق عملها منتشرة حول العالم، يبدأ الفريق الياباني في العمل وقبل أن ينتهي وقت عملهم يكون الفريق الهندي قد بدأ العمل، ثم يأتي فريق عمل أوروبي ثم أمريكي وتعود الدائرة إلى الفريق الياباني الذي استيقظ لتوه من النوم وسيتوجه إلى العمل.

جنون! هذا أقل شيء يمكن أن نصف به ما يحدث في بيئة العمل، أعمال متراكمة، ضغط كبير، تعقيد متزايد، ثم إنجازات أقل من المستوى المطلوب، لأن عقولنا لا تركز، ولا تستطيع التركيز مع كل هذه التعقيدات، لا يمكن التركيز وفي كل عشر دقائق تصلك عشرات الرسائل والمكالمات ويقاطعك أحد الزملاء.

البعض يظن أن علاج هذه المشاكل بأن يضيف شيئاً جديداً، ربما برنامج للتنظيم، أو دفتر ورقي يسجل فيه كل شيء، لكن التعقيد لن يعالج بمزيد من التعقيد، عليك أن تلغي التعقيد نفسه أو جزء منه على الأقل.

لا بد من التضحية، إما بجزء من أحلامك أو كلها، وإما بجزء من علاقاتك أو كلها، لا تتصور أنك تستطيع متابعة علاقاتك جميعها ويمكنك أن تتصل بجميع أصدقاءك ومعارفك، وفي نفس الوقت تقوم بإنجاز ما تريد إنجازه، أنت شخص واحد، لديك عقل واحد، نحن لسنا حواسيب تحوي معالجين أو أكثر! ولديك كل يوم 24 ساعة، فحدد ما هو المهم وما هو أهم وما هو قليل الأهمية ثم ركز على الأهم دائماً.

تركيزك على أعمال اليوم يجعلك تنسى أهدافك على المدى البعيد، كل الناس الذين رحلوا عن دنيانا لم ينجزوا أعمالهم قبل رحيلهم، والكثير منهم لا يتذكرهم أحد، لكننا نتذكر جميعاً أناساً رحلوا عنا وبقيت أعمالهم، وهؤلاء لم ينجزوا أعمالهم وهم يمسكون الهاتف النقال بيد ويضعون اليد الأخرى على لوحة المفاتيح.

ملاحظة: الموضوع القادم سيكون حول سؤال المعايير القياسية الذي طرحته في الموضوع السابق.