الخميس، 14 ديسمبر 2006

البرمجة لكل الناس

عندما التحق جيف راسكن بشركة أبل وبدأ مشروع ماكنتوش قام بتوظيف العديد من المهندسين لكي يعملوا معه في المشروع، أحدهم هو بيل أتكنسون الذي تعلم في جامعة كاليفورنيا وكان جيف راسكن أحد أساتذته، بعد خروج راسكن من شركة أبل أصبح بيل أتكنسون أحد اهم المساهمين في مشروع ماكنتوش وقام ساهم في تطوير الكثير من البرامج والأفكار المهمة مثل كويك درو والذي لا يزال يستخدم حتى يومنا هذا، وبرنامج ماك بينت الذي كان بداية للكثير من الناس لعرض إبداعاتهم، تصور أن برنامج رسم لا يدعم سوى لونين - الأسود والأبيض - مع ذلك يستخدم لإنشاء الرسومات الجميلة وفي طباعة الوثائق الرسمية والرسومات العلمية والهندسية.

لكن أهم برنامج قدمه أتكنسون ليس ماك بينت ولا كويك درو، فماك بينت لم يعد يستخدم في أيامنا هذه إلا لاسترجاع بعض الذكريات، وكويك درو هو في الحقيقة مكتبة برامج تقوم برسم واجهة النظام وتفاصيلها على الشاشة لذلك لا يعرفها معظم الناس ولا يحتاجون لمعرفتها.

البرنامج الأهم الذي طوره أتكنسون كان ملهماً للعديد من الناس ليطوروا برامجهم وتقنيات تغير العالم، تيم بيرنرز لي مخترع شبكة الويب تأثر ببرنامج أتكنسون كذلك وارد كنينغهام مخترع فكرة الويكي، والنسخة الأولى من لعبة Myst طورت باستخدام برنامج أتكنسون.

هايبركارد هو البرنامج الأهم الذي أتحدث عنه، وهو برنامج يصعب وصفه فهو يحوي العديد من الأفكار التي جمعت مع بعضها البعض لتكون أداة رائعة لتطوير البرامج والألعاب وهو يعتمد فكرة بسيطة، فكل برنامج عبارة عن مجموعة من البطاقات، قد تكون هذه البطاقات قاعدة بيانات لحفظ العناوين مثلاً أو وصفات الطبخ أو متابعة مخازن الشركة.

قد تكون موسوعة علمية أو موسوعة متخصصة في شيء ما، قد تكون لعبة أو برنامجاً لتنظيم الوقت والمواعيد، قد تكون برنامجاً لكتابة المقالات وحفظها، قد تكون أي شيء يريده المبرمج.

المميز هنا في هايبركارد هو سهولة استخدامه فلا يحتاج أي شخص أن يكون مبرمجاً لكي يطور برامجه، وقد استخدمه العديد من الناس لإنجاز أعمالهم، أحدهم طور نظام تشغيل ببرامج متكاملة، وآخر يدير نظام الحاسوب في عيادته فقط باستخدام هايبركارد، وثالث استخدمه لكي يوفر لطلابه فرصة للإبداع باستخدام الحاسوب، وهناك قصص كثيرة.

كان هايبركارد يأتي مع لغة برمجة تسمى هايبرتوك وهي لغة بسيطة وتقدم العديد من الخصائص ويمكن لأي شخص أن يفهمها لأنها في الغالب تتكون من كلمات مفهومة باللغة الإنجليزية، وكان أيضاً يوفر أمرين للتعامل مع البرامج الأخرى كإضافات.

ويمكن إضافة الأصوات والصور لأي برنامج في هايبركارد وأيضاً الروابط بحيث ينتقل المستخدم من بطاقة إلى أخرى، هذه الفكرة ألهمت تيم بيرنرز لي عندما بدأ في تطوير تقنيات شبكة الويب.

وكما يحدث مع كل الأشياء الجميلة من حولنا، لا يدوم شيء على حاله إلا نادراً، شركة أبل أوقفت تطوير هايبركارد في عام 2000م مع ذلك استمر بيعه حتى عام 2004م ولم تعد أبل تهتم به، جاءت بعض الشركات ببدائل مختلفة لهايبركارد لكن الكثير من الناس يرون أن كل هذه البدائل لم تستطع أن توفر بساطة وقوة هايبركارد.

لا يزال الكثير من الناس يحتفظون بحواسيب قديمة من أبل فقط لكي يحافظوا على البرامج التي طوروها باستخدام هايبركارد، لا يزال الكثير منهم يتبادلون برامج هايبركارد - تسمى Stack - ويطورونها وينظمون أنشطة مختلفة لجمع محبي البرنامج ومستخدميه.

هايبركارد وفر أداة تجعل أي شخص مبرمجاً، شخصياً لدي قناعة أن البرمجة مهارة ضرورية في هذا العصر، لا أعني هنا أن يتعلم المرء لغات صعبة مثل سي أو جافا أو أي لغة يستخدمها محترفوا البرمجة، بل أعني هنا التفكير المنطقي والإبداعي الذي قاد البعض ليبدع الكثير من الأعمال باستخدام برنامج بسيط مثل هايبركارد، نحن بحاجة إلى برنامج مثل هايبركارد لنوفر أداة للناس تعطيهم فرصة لكي يصبحوا منتجين مبدعين لا مستهلكين فقط.

هايبركارد فكرة أخرى من أفكار عالم الحاسوب بحاجة إلى أن نعيد النظر فيها.

إقرأ المزيد:

  • Pantechnicon Wiki، ويكي حول هايبركارد وبرامج بديلة له.
  • iHug، مجموعة مستخدمي هايبركارد الدولية.
  • When Multimedia was Black & White، عندما كانت الوسائط المتعددة بالأبيض والأسود.