الجمعة، 1 يونيو 2007

حاسوب الطاولة … ومرافق الهاتف النقال

دعوني أبتعد قليلاً عن عالم تطوير المواقع وسلسلة مواضيع المصادر التي أنوي طرحها خلال الأيام القادمة، هناك أخبار كثيرة في عالم التقنية وبعضها يستحق أن نلقي عليه نظرة سريعة، ولا أخفي عليكم، أنا متحمس بشدة لهذه الأفكار.

دعوني أبدأ بمايكروسوفت، هذه المرة أنا معجب بما قامت به هذه الشركة، ليس هناك أي شيء جديد في ما قدمته سوى أنها أول من طرحت منتجاً للسوق ولو كان بسعر مرتفع (من 5000 دولار إلى 10000 دولار!) ومن الضروري أن تكون هناك شركة تبدأ بطرح منتج يحوي أفكاراً متميزة لكي يلحق السوق بها ويتجرأ أكثر لتصبح التقنية سهلة المنال وبسعر منخفض.

المنتج الذي أتحدث عنه هو Microsoft Surface، وهو حاسوب على شكل طاولة وسطح الطاولة نفسه هو الشاشة وهو وسيلة التحكم، أين الفأرة ولوحة المفاتيح؟ لست بحاجة لهما، استخدم يديك.

هناك عروض فيديو في موقع المنتج تبين كيف أنك تستطيع وضع كاميرا لا سلكية على سطح الطاولة لكي تقوم بإنزال الصور مباشرة منها، أو مشغل MP3 لكي تضع فيه المزيد من الملفات، وهناك عرض لطاولة تستخدم كقائمة طعام في مطعم ما، يمكنك أن ترى الطعام وتطلبه.

هذا المنتج حتى الآن سيكون محدوداً بأعداد قليلة، لكن كما هو حال التقنيات دائماً، سينخفض سعره ويزداد إنتاجه وتدخل شركات أخرى في هذا المجال ليصبح منتجاً متوفراً بسعر جيد.

المشكلة ستكون في الإعلام الذي بدأ فعلاً في وصف ما طرحته مايكروسوفت بأوصاف خيالية مثل "تقنية جديدة لم يسبق لها مثيل" وهو وصف غير دقيق ولا صحيح، نعم مايكروسوفت تجرأت على طرح هذا المنتج وبدأت أول خطوة تجارية في هذا الاتجاه وهذا يحسب لها.

المشكلة في الإعلام أن الكثير من الصحفيين ليس لديهم معرفة فعلية بعالم التقنيات لذلك تجدهم ينبهرون بما يرون أو بكل بساطة يصدقون الآلة الإعلامية التسويقية بدون تمحيص، في الأشهر القادمة ستقرأون البعض يكتب أن مايكروسوفت هي أول من فعل هذا أو ذاك، وقد تقرأون لشخص ما ينتقد مايكروسوفت لأنها تقلد جهاز iPhone من أبل وهذا أيضاً غير صحيح، أبل ليست الأولى في هذا المجال، فتقنية شاشات اللمس تعود إلى الثمانينات من القرن الماضي.

في المستقبل أظن أن الحواسيب ستكون بهذا الشكل، في العمل والمنزل ستكون على شكل سطوح كبيرة، طاولات أو شاشات كبيرة يعمل عليها المرء بيديه، أما في مجال الأجهزة النقالة فالهواتف الذكية ستأخذ حيزاً كبيراً، بشرط أن تكون الشاشات كبيرة فعلاً وتحوي متصفحات حقيقية وليس أنصاف متصفحات.

بالم تعود إلى التسعينات

لا أخفي إعجابي بشركة بالم، لكنني لم أعد أهتم بما تفعله لأنها لم تعد بالم التي نعرفها، نعم هواتف تريو ناجحة ومنتشرة، لكن ما كان يميز بالم في الماضي كونها تنتج أجهزة بسيطة بنظام تشغيل سهل الاستخدام، الآن بالم تستخدم نظام ويندوز في بعض منتجاتها وهذا ربما حقق لها بعض النجاح، لكن من ناحية سهولة الاستخدام نظام ويندوز للهواتف ليس سهل الاستخدام.

بالم كانت - وربما لا زالت - توظف شخصاً له مهمة واحدة فقط، هو أن يحسب عدد الخطوات التي يحتاجها المستخدم لإنجاز مهمة ما، وإن تبين أن الخطوات أكثر من ثلاث يقوم المهندسون بإعادة تصميمها، هذا ما يجعل بالم مميزة لأنها تركز على البساطة، لكنها لن تستطيع فعل ذلك مع نظام ويندوز الذي هو مصمم لكي يكون نظام تشغيل عام وليس نظام تشغيل خاص بأجهزة بالم.

بالأمس بالم طرحت منتجاً جديداً هو Foleo والذي تقول عنه الشركة أنه فئة جديدة من الحواسيب إذ أنه "مرافق للهاتف النقال" وليس بديلاً عنه، وهذا الجهاز بسيط للغاية إذ أنه مخصص لإنجاز ثلاث مهمات، تصفح الويب، البريد الإلكتروني، واستعراض الوثائق، يبدو أن بالم عادت فعلاً إلى التسعينات حيث كانت تتميز بأجهزة بسيطة والمنافسون كانوا يتسابقون في تعقيد منتجاتهم بمميزات قد لا يستخدمها أحد.

لا أستطيع أن أجد شيئاً يجعلني أقول "هذا منتج مميز" فهو حتى الآن مجرد فكرة عادية لا تتميز بشيء، هناك حواسيب أكثر قوة وبنفس الحجم تقريباً، سعر جهاز بالم بالتأكيد أقل لكن هذا مقابل خصائص أقل بكثير، الشيء الوحيد الذي أجده إيجابياً هو نظام التشغيل فهو لينكس، وهذا يعطي فرصة كبيرة للكثير من مطوري البرامج لنقل برامجهم بسهولة إلى هذا الجهاز، عندها قد يصبح حاسوباً مفيداً.

على الرغم من الانتقادات التي حصل عليها هذا الجهاز خلال دقائق فقط من الإعلان عنه، وعلى الرغم من عدم وجود شيء مميز فيه، إلا أنني أذكركم بأن ما يفكر به المتخصصون في التقنية أو المهتمون بها قد لا يعبر فعلاً عن واقع السوق، كثراً ما كان المتخصصون يتوقعون نجاح أو فشل منتج ما ويثبت السوق عكس توقعاتهم، لماذا؟ لأن عامة الناس لا يفكرون بنفس الطريقة، عامة الناس يريدون منتجات يستخدمونها لتبسيط حياتهم ولا يهتمون كثيراً بكون المنتج مبتكراً أم لا، المهم هل يقدم شيئاً لهم أم لا؟

هل سينجح هذا المنتج؟ نعم سينجح لكن ليس بالقدر الذي نعتبره نجاحاً باهراً، سينجح لأن بالم عادت مرة أخرى لإنتاج أجهزة بسيطة تناسب عامة الناس، هذا ما أتوقعه، لننتظر ونرى.

واجهات ZUI

أنظر إلى نظام التشغيل لديك، سواء كان ويندوز أو ماك أو لينكس، ستجد أربع عناصر تستخدم في هذه الأنظمة:

  • النوافذ window، وهي البرامج والتي يمكن أن تضعها فوق بعضه البعض.
  • الإيقونات icons، وهي الرسومات الصغيرة التي تدل على ملف أو برنامج أو خاصية معينة في برنامج ما.
  • القوائم menu، وهي القوائم التي تضغط عليها لتظهر لك أوامر كثيرة، تجدها غالباً في أعلى البرامج وفي ماك تجدها في مكان واحد ثابت في اعلى الشاشة.
  • مؤشر الفأرة pointer، وهو السهم الذي تتحكم به لتضعه على عناصر نظام التشغيل وتستخدمها.

هذه العناصر الأربع تختصر بكلمة WIMP، وهي عناصر ظهرت منذ السبعينات ولا زالت تستخدم حتى اليوم، لكنها اليوم تعاني من مشاكل كثيرة، والمستقبل سيكون لواجهات من نوع ZUI أو Zoomable User Interface، أعان الله مترجمي مصطلحات التقنية لأنهم يواجهون مثل هذه المصطلحات الجديدة كل يوم! كيف أترجم ZUI؟

المشكلة في كلمة Zoomable، وفي عالم كاميرات التصوير هناك جهاز zoom لتقريب الأشياء التي تريد أن تصورها، أما في أنظمة التشغيل فالأمر لا يختلف كثيراً، تصور أنك شغلت حاسوبك وظهرت لك شاشة بيضاء كبيرة، إضغط على الشاشة بيدك وستظهر لك لوحة مفاتيح، أكتب فيها: موقع google.com ثم إضغط زر إدخال النص وستظهر لك نافذة تحوي موقع غوغل.

يمكنك الآن أن تحرك هذه النافذة بيدك وتضعها على طرف الشاشة، افتح نافذة أخرى وزر موقعاً يحوي كتاباً إلكترونياً تريد قراءته، يمكنك تصغير النافذة وأن تضعها في مكان بعيد، لكي تقرأ الكتاب عليك أن تقترب منه، وإذا اقتربت ستبتعد نافذة موقع غوغل وتختفي، لكن يمكنك أن تعود إليها بأن ترجع للوراء! تبدو فكرة صعبة بعض الشيء لكنها في الحقيقة أكثر سهولة وبساطة مما نستخدمه اليوم، لا توجد برامج ولا ملفات ولا مجلدات، نظم محتويات حاسوبك كيف ما تشاء، ولكي ترجع لها يجب أن تتذكر مكانها أو تبحث عنها، لست بحاجة إلى حفظ الملفات أو تسميتها، وليست بحاجة إلى إيقونات لكي تفتح الملفات، بل الملف أمامك تستطيع أن تراه مباشرة، سواء كان صورة أو فيديو أو ملفاً نصياً أو أي شيء.

لاحظ أنك عندما تفتح نافذة موقع غوغل مثلاً فأنت لا تتعامل مع متصفح، بل مع الموقع، وعندما تعمل على الصورة فأنت لا تستخدم فوتوشوب، لا وجود للبرامج هنا بل أدوات فقط، تستخدمها عند الحاجة.

هذه الواجهة هي المستقبل كما أرى، وهي تناسب الأجهزة الكبيرة أو الصغيرة، في الهواتف النقالة يمكنك أن تتصفح المواقع بمتصفحات حقيقية لا أنصاف متصفحات، يمكنك أن ترى الصفحة بالكامل وإذا أردت قراءة شيء عليك أن تقترب من الجزء الذي تريد قراءته، هذا أفضل بكثير من الصفحات الفقيرة التي تخصصها بعض المواقع للهواتف النقالة.

إقرأ المزيد