الأخ محمد بشير النعيمي طرح موضوعاً بعنوان لماذا غياب التدوين التقني العلمي والذي تحدث فيه عن شيء كنت أريد الكتابة عنه منذ وقت طويل.
في مواقعنا العربية سواء كانت هذه المواقع مدونات أو منتديات أو حتى القسم العربي من ويكيبيديا، ألاحظ أن الجانب النظري من العلوم هو الغالب على محتويات هذه المواقع، أو لأكون أكثر دقة، العلوم الإنسانية والأدب والسياسة وغيرها، بينما العلوم التطبيقية لا تجد نفس القدر من الاهتمام.
شخصياً أرى أن الاهتمام بالعلوم التطبيقية أكثر أهمية من الحديث في السياسة والاقتصاد، نستطيع أن نرتقي بتكوين مجتمعات حول العلوم التطبيقية، نستطيع أن نرتقي ونتقدم ونتعاون بأن نتعلم ونشارك الآخرين بمعارفنا، لكن ما إن ندخل السياسة من الباب حتى يخرج الأدب والعلم وكل شيء جميل من الشباك، وسنتفرق ونختلف ونتخلف.
ثم نأتي لمشكلة بعض المواقع والمدونات العربية المهتمة بالتقنيات، الكثير منها مجرد مواقع إخبارية تنقل لنا الأخبار، وهذا أمر مفيد بعض الشيء إذ أن الأخبار تفقد قيمتها بعد مدة ولا تعلم المرء شيئاً ولنكن صريحين، وسائل الإعلام العربية تسوق الشركات أكثر مما تنقل الخبر، وتمجد الشركات الكبرى أكثر مما تحلل وتبحث عن الحقيقة من بين ركام حملات التسويق.
ما نحتاجه في المواقع العربية التقنية هو إجابة هذا السؤال "كيف نستفيد من التقنيات والعلوم؟" لا تشرح لي كيف أستخدم ويندوز لأن هناك مليار مقالة وكتاب حول ذلك، لا أريدك أن تشرح مايكروسوفت أوفيس لأنك لن تقدم شيئاً جديداً إن فعلت ذلك، لا بأس أن تتحدث عن نظام تشغيل آخر لم يحضى بنفس القدر من الاهتمام، لا بأس أن تتحدث عن تقنيات لا يعرفها الكثير من الناس، والأفضل أن تتحدث عن كيفية الاستفادة من كل هذه التقنيات، الأفضل أن تتحدث عن كيفية كتابة سيرة ذاتية باستخدام أوفيس أو أي برنامج آخر، أو كيف أكتب كتاباً أو أقوم بإنشاء ميزانية شخصية أو أطور نظام محاسبة بسيط للأعمال التجارية الصغيرة.
كيف يمكن للشخص العادي غير المتخصص أن يستخدم التقنيات ليطور نفسه ويزيد من إنتاجيته ويتواصل مع الآخرين؟ هذا هو المهم.
قد يقول شخص ما: لكن المواطن العربي لا يريد ذلك، هؤلاء يبحثون عن الإثارة والجدل، إطرح موضوعاً بعنوان مثير وستجد الناس انقسموا بين فريقين وهناك بعض العقلاء الذين لا يهتمون بأي فريق لكن أصواتهم تذهب مع الريح فلا يستمع لهم أحد.
أعلم ذلك وأفهمه وألاحظه، ما الحل؟ نسكت ولا نكتب أو نتحدث؟ لا نبذل ولا نعطي؟ هل هذا هو الحل؟ ألا نفعل شيئاً؟ إن لم نفعل شيئاً فنحن نساهم في تفاقم المشكلة ونحن جزء من المشكلة لا جزء من الحل، وألاحظ البعض يتفنن في جلد الذات فالعرب لديه متخلفون لا أمل لهم، ولكي أكون صريحاً، إن كنت من هذه الفئة فأتمنى ألا تضيف أي تعليق في مدونتي، لأنني أكره اليائسين وأعتبرهم مرضى ومرضهم معدي.
نعم واقعنا صعب، نتحدث عنه كثيراً ثم لا نفعل شيئاً، شخصياً وفي ظروفي الحالية كل ما أستطيع فعله هو أن أقرأ وأتعلم ثم أنقل ما فهمته للآخرين عبر هذه المدونة، لو كان بإمكاني فعل المزيد لفعلت، لا أقول هذا تفاخراً أو تكبراً على الآخرين، لأنني قلت مراراً وتكراراً أنني لست مبرمجاً وأنني كنت جاهلاً بكل عالم التقنيات وأنني كنت قبل سنوات قليلة لا أعرف حتى معنى HTML، أقول هذا لكي أذكر الجميع بأننا نستطيع أن نتعلم ونعلم الآخرين.
فهذا رجاء حار لكل من لديه شيء من المعرفة، قدم ما لديك ولو كان قليلاً، ربما أنت متفوق في الرياضيات، أنا بحاجة إلى تعلم الرياضيات، فهل لك أن تعلمني وتعلم الآخرين؟ لعلك تعرف البرمجة وتتقنها، أتمنى أن تعلمني والآخرين، ربما أنت ماهر في الإلكترونيات أو الصناعات اليدوية كالنجارة والخزف وغيرها، علم الناس.
ولدينا وسائل مختلفة اليوم، يمكنك أن تعلمهم بالكتابة أو بالصوت أو بالفيديو، يمكنك أن تنظم دورات وورشات عمل، لكن الأهم من كل هذا هو أن يكون لديك رغبة حقيقية في تعليم الناس.
هل من مستمع؟
حلول وأفكار
- الأخ محمد النعيمي اقترح أن تهتم فهارس التدوين بالمدونات التقنية أكثر، شخصياً أرى أن يقوم شخص ما بإنشاء فهرس للمدونات العلمية والتقنية فقط، لا للسياسة ولا لأي شيء آخر، فقط العلم والتقنيات.
- ضع روابط لمدونات ومواقع تقنية عربية، قد تكون هناك مواقع عربية لم أطلع عليها، لذلك أخبرنا عنها.
- بما أننا في الإجازة الصيفية، هل تستطيع أن تكتب مقالة أو مقالات تعليمية؟ أريدها من نوع "كيف نستفيد من هذه التقنية أو هذا البرنامج" وليس من نوع "كيف نستخدم" لأن الفرق بين نستفيد ونستخدم كبير.
- إن كنت مهتماً بالتقنيات فأخبرنا كيف يستخدم الناس من حولك هذه التقنيات، معرفتنا بذلك ستساعدنا على تقديم أشياء تناسب الواقع.
- هل من حلول أخرى؟
أتمنى لو أن لدي ثروة صغيرة، لقمت بتخصيص جائزة كبيرة لمن يقوم بتأليف كتب حرة مجانية وغنية بالمفيد حول العلوم والتقنيات.