من الضروري أن أتكلم عن المدونة نفسها قبل أن أتحدث عن التعليقات وللمرة الأخيرة، ما هو هدفي عندما قمت بإنشاء هذه المدونة؟ وهل قمت بتحقيقه؟
هدف هذه المدونة في البداية كان بسيطاً، كل ما أردته هو مساحة شخصية أكتب فيها ما أريد وعن أي موضوع، مدونتي ليست مدونة تقنية كما يظن البعض بل هي شخصية لكنني أركز أكثر على التقنيات ولذلك بدأ البعض بوصف مدونتي بأنها تقنية وشيئاً فشيئاً أصبحت بالفعل تقنية إلى حد ما حيث كنت أكتب بين حين وآخر مواضيع متنوعة.
كان هدفي من المدونة أن أنشر ما أعرفه فأتعلم وأعلم، التعليم والتعلم هو أتقنه وأعرفه، وقد كانت هذه المدونة مكاناً لممارسة التعليم والتعلم، فكل موضوع يجبرني على أن أبحث وأقرأ وفي بعض الأحيان يتطلب الموضوع الواحد قراءة مقالات كثيرة فقط لكي أتاكد من أن جملة واحدة هي بالفعل صحيحة، وهذا ما يقودني إلى مواضيع مختلفة ومعلومات جديدة لم أعرفها من قبل، وهكذا تذهب الساعات في القراة والكتابة.
هذه المدونة حققت ما لم أكن أتخيله، أربع سنوات ونصف كتبت فيها ما يزيد عن 800 موضوع، وهناك 6200 تعليق، الفارق بين الموضوع الأول والموضوع الأخير ليس فقط فارق الزمن بل أشعر بأنني شخص مختلف عما كنت عليه قبل سنوات، هناك جوانب أستطيع أن أقول بأنني أصبحت فيها أفضل من قبل، وجوانب أخرى أصبحت فيها أسوأ من قبل وجوانب أخرى لم يتغير فيها شيء.
في بداية هذه المدونة كانت المدونات العربية نادرة وقليلة واليوم هناك الآلاف منها وبعضها مؤثر ومفيد، ثقافة التدوين انتشرت بفضل عشرات المدونين الذين بدأوا قبل أن نعرف كلمة مدونة وكنا نناقش كيفية تعريب مصطلح weblog أو blog.
اليوم هناك وعي أكبر بالبرامج الحرة، المعايير القياسية، التقنيات المفيدة مثل RSS، مواقع الخدمات أو ما يحب البعض أن يسميها ويب 2.0، علوم الحاسوب وغيرها من المجالات، وأحمد الله أن وفقني للمساهمة بجزء يسير في تنمية هذا الوعي.
المشكلة أنني لست راض ولن أرضى عن كل ما فعلته في السنوات الماضية، ليس هذا ما أريد، عدم الرضى هذا قادني لقرارات مختلفة، فمرة أرى أن المواضيع الصغيرة والتي تحوي روابط مختلفة هي الأفضل، ثم أعود لكتابة المواضيع الطويلة المفصلة، أغلقت التعليقات ثم أعدتها والآن قررت إغلاقها للأبد، أعلم أنني متردد وإن لم يقل لي هذا شخص ما.
هذا التردد سببه أنني أريد أن أصل إلى الوسيلة الأفضل لنشر ما أريد، لتقديم الفائدة للآخرين، وقد سبق أن قلت أن هذه المدونة ستبقى ما دام أن لدي شيء أقوله، ويوماً بعد يوم أدرك أن ما لدي أصبح قليلاً ولم تعد المقالات تكفي لتقديم الفائدة، مارست التدوين أربع سنوات فإلى متى سأستمر في ذلك؟ التدوين ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة، فهل التدوين بصورته الحالية في موقعي يحقق ما أريد؟ لا.
أريد أن أرتقي بنفسي وبمستوى ما أكتب، والمدونة لم تعد الوسيلة الأفضل للنشر، هل هذا يعني أنني سأغلق المدونة غداً؟ لا، المدونة ستكون وظيفتها التواصل وستصبح شخصية أكثر، أما المقالات والكتب فلها شأن آخر، لا أريد التحدث عنها لأنني لا أريد أن أعدكم بشيء ثم لا أنجزه، الفعل أولاً ثم الكلام.
في الموضوع اللاحق سأتكلم عن التعليقات.