الجمعة، 18 يناير 2008

شبكات BBS - الجزء الأول

منذ أن بدأت تقنيات الاتصالات الحديثة بالظهور في القرن التاسع عشر الميلادي بدأ المهندسون والمخترعون ومن يدير هذه الوسائل باستخدامها لتكوين مجتمعات حولها، فقد ظهر التلغراف والذي كان يستخدم لإرسال رسائل نصية حول العالم وبالتحديد بين أوروبا وأمريكا وكذلك بين بريطانيا ومستعمراتها، كان مشغلو التلغراف يستخدمون الخطوط للحديث مع بعضهم البعض عندما لا يكون لديهم عمل.

كذلك الأمر مع الهاتف والراديو ومع شبكات الحواسيب العسكرية والأكاديمية، حتى بعض الأطفال والمراهقين استطعوا اكتشاف أنهم قادرون على مخاطبة أصدقائهم في منتصف الليل بدون أن تعلم أسرهم وذلك باستخدام أي تقنية متوفرة، ستيف وزنياك يذكر في كتابه iWoz بأنه قام بإنشاء شبكة اتصال بينه وبين منازل أصدقاءه بحيث يستطيع أي شخص منهم بأن يتصل بالآخر بدون أي تكلفة وبدون أن تعلم الأسر، كانت شبكة اتصال بسيطة لكنها لطفل في الحادية عشر من عمره شيء لا مثيل له في الدنيا.

في السبعينات والثمانينات كانت شبكة إنترنت تتوسع ببطئ وتستخدم في الجامعات ومراكز الأبحاث وتستخدم لأغراض عسكرية ومدنية، لكن عامة الناس لم يكونوا على اتصال مباشر بها، كانت هناك شركات قليلة توفر اتصالاً مباشراً بالإنترنت وبتكلفة عالية.

في هذه الفترة ظهرت الحواسيب الشخصية التي يستطيع الناس شراءها، قبل ذلك كانت الحواسيب أجهزة تكلف الملايين أو مئات الآلاف من الدولارات، كانت فكرة امتلاك حاسوب في المنزل غريبة بل وسخيفة، لكن الشركات أنتجت حواسيب شخصية أثرت على جيل كامل من الناس ولم يكن هذا مقتصراً على أمريكا وأوروبا إذ وصل تأثير هذه الحواسيب الشخصية إلى الكثير من البلدان.

كان مستخدمو هذه الحواسيب يتبادلون البرامج ويتعلمون البرمجة ويقرأون المجلات التي كانت تعلم البرمجة وتنشر برامج كاملة أو توزعها على أقراص مرنة، ثم ظهر مصدر آخر يجمع أصحاب هذه الحواسيب وهي شبكات BBS أو Bulletin Board System وبترجمة حرفية يمكن أن نسميها نظام لوحة الإعلانات، لكنني سأسميها BBS إلى أن أحصل على ترجمة أفضل.

شبكة BBS يقوم شخص ما بإنشاءها في غرفته وبالتحديد في حاسوبه الشخصي الذي يكون موصولاً بخط هاتفي، يقوم مالك الحاسوب بوضع برنامج ما وظيفة هذا البرنامج هو استقبال المتصلين وتقديم خدمات مختلفة كنظام للمراسلة بين أعضاء الشبكة أو خدمة دردشة أو ألعاب أو أي شيء يريد مالك الشبكة أن يقدمه.

بالطبع فكرة هذه الشبكة يسهل فهمها إذا سبق لك أن جربتها، وإن لم تجربها فقد تجد صعوبة في فهمها أو فهم فائدتها.

من شيكاغو إلى العالم

جهاز المودم كانت بداياته في الستينات وتطور مع الوقت، وهو جهاز يسمح للحاسوب بأن يتحكم بالخط الهاتفي ويتصل بحاسوب آخر لتبادل المعلومات، هذا هو ببساطة جهاز المودم، وقد كان مرتفع السعر ولا يستخدم إلا في نطاق ضيق، لكن في نهاية السبعينات قامت شركة هايس بإنتاج مودم رخيص السعر ويمكنه أن يعمل مع الحواسيب الشخصية.

أول شبكة BBS ظهرت كانت CBBS في مدينة شبكاغو في عام 1978م وقد كانت تعمل بخط هاتفي واحد، بمعنى أن شخصاً واحداً يمكنه استخدام CBBS وإذا اتصل شخص آخر فلن يستطيع الوصول لها لأن الخط مشغول، ولم تكن الشبكة تقدم الكثير فكل ما يمكنه الزائر فعله هو قراءة رسائل الآخرين وكتابة رسالة.

لكن من هذه البداية البسيطة ظهرت عشرات شبكات BBS ثم أصبحت بالآلاف وانتشرت حول العالم، ظهرت مجلات متخصصة في هذه الشبكات وأصبح بعض شبكات BBS تجارياً، بعضها كانت تعمل بعشرات الخطوط الهاتفية تقدم مئات الآلاف من الملفات والألعاب وغرف الدردشة والمنتديات وخدمات كثيرة، قدمت شركات أجهزة ومنتجات موجهة خصيصاً لمالكي شبكات BBS أو لمن يرغب بإنشاء واحدة.

كان البعض يتفنن في استخدام الحروف ليجعلها رسومات رائعة بمعايير ذلك الوقت، كان البعض يمضي أوقاتاً طويلة مع ألعاب مختلفة، ظهرت أول الألعاب الجماعية الكبيرة في ذلك الوقت، ظهرت شبكة تسمى FidoNet كانت تستخدم لنقل الرسائل حول العالم بجهود متطوعين، شبكات BBS كانت مصدراً للأخبار والمعلومات في بعض مناطق العالم حيث تقوم الحكومات بمراقبة كل مصادر المعلومات وكل وسائل الإعلام.

هذا عالم خفي لا يعرفه الكثير من الناس، وأريد بسلسلة مواضيع أن أكشف عن بعض جوانبه، في المواضيع اللاحقة سأتحدث عن فنون ANSI وASCII، وعن الألعاب وشبكة FidoNet وربما أخصص موضوعاً عن شبكات BBS في الإمارات.

إذا كان لديك أي تجربة مع هذه الشبكات فأتمنى أن تراسلني وتكتب لي ما تستطيعه من تفاصيل وقد أنشر ما كتبته في موضوع منفصل.