الأحد، 16 مايو 2004

طلبة لا يفكرون

في السنوات الماضية قرأت الكثير من الكتب التي تتحدث عن التفكير، وخصوصاً التفكير الإبداعي، وقد استفدت من هذه الكتب كثيراً، وما تعلمته من هذه الكتب لن أجده في المدرسة أو الجامعة، وحتى الآن المناهج والمدارس لا تشجع الطلاب على التفكير، بل الحفظ والتلقين ثم نسخ ما حفظ في الامتحانات ثم نسيان معظم ما درس! هذا ما يحدث للطلاب في أيامنا هذه.

وبعد ما يزيد عن عشر سنوات من الدراسة يخرج الطالب من المدرسة وهو أقل قدرة على الإبداع والتفكير، لأن النظام التعليمي لا يشجع على ذلك، فكيف نريد من هذه الأجيال أن تنتج وتصبح مبدعة وتساهم في نهضة الأمة؟ يجب أن تغير النظم التعليمية بشكل كامل، حتى تسمح للطلبة بتعلم المهارات لا حفظ المعلومات، يجب أن يتعلموا ما يجعلهم مستعدين لخوض الحياة خارج المدرسة، الحياة تحتاج إلى تخطيط وتنظيم، تحتاج إلى استغلال الموارد مثل الوقت والمال والعقول، الحياة تحتاج من أن نتعلم مهارات الاتصال والتواصل الأربع (القراءة، الكتابة، الاستماع والتحدث) وإلى مهارات كثيرة أهمها في رأيي التفكير بأنواعه.

مدارسنا تقتل مهارة التفكير عندما يقول المدرس للطلبة: الجواب الصحيح هو الجواب الموجود في الكتاب وأي جواب آخر فلن يحسب، مدارسنا تقتل الإبداع حينما تجعل الطالب يتلقى المعلومة فقط دون أن يفعل هو شيئاً لفهمها، مدارسنا تقتل الإبداع حينما لا تعلم الطالب كيف يتعلم هو بنفسه، بيئة المدرسة المنضبطة بشدة والتي تسير حسب قواعد معينة، وتقسم وقت الطالب إلى حصص وساعات صارمة لا تتغير، هذه البيئة المتحجرة لن تخرج لنا سوى عقول متحجرة، هي كالقالب يدخل فيه الطالب فيخرج وهو يشبه آلاف الطلاب الآخرين، لا يملك مهارة ولا يعرف التفكير وروح المبادرة ماتت في قلبه منذ سنوات.

كيف نعالج هذا الأمر؟ لن يجدي نفعاً أن نكتب المقالات في الصحف وننقد النظام التعليمي، هذا لا يكفي، يجب أن نتعلم نحن أولاً مهارة التفكير، ثم يجب أن نعلم الآخرين وخصوصاً الأطفال مهارات التفكير المختلفة، ونحاول كل في مؤسسته أن ننشر أهمية مهارة التفكير، وهناك كتب ودورات كثيرة تشرح هذا الأمر بالتفصيل، ويمكن لأي مؤسسة أن تقيم مجموعة من الدورات المفيدة لموظفيها، بالطبع يجب أن تكون بيئة المؤسسة منفتحة قليلاً ويكون المدير مدركاً لأهمية تدريب الموظفين.

الموضوع يحتاج إلى وقفات، وهذه وقفة قصيرة لعلي أكتب بعدها عن تفاصيل أخرى مهمة.