السبت، 25 ديسمبر 2004

الشغف والإرادة والطموح

عندما تمتلك فكرة ما عقل إنسان وروحه، ويسعى لتحقيق هذه الفكرة بكل ما لديه من قوة وإرادة، لن يقف شيء أمامه، ستصبح كل الصعوبات صغيرة يمكن تجاوزها والقفز من فوقها، هذا ملخص قصتين سأتكلم عنهما باختصار.

القصة الأولى لامرأة نجحت في إعادة بناء حاسوب كومودور 64 على شريحة صغيرة، أتذكر هذا الحاسوب جيداً فقد كنا نلعب به ألعاباً كثيرة قبل ما يقرب من خمس عشرة سنة، وقد كان كبير الحجم، ولكن هذه المرأة نجحت في وضعه على شريحة صغيرة، وقامت شركة بإنتاج لعبة صغيرة تعمل بالبطارية تحوي 30 لعبة من ألعاب هذا الحاسوب، وكل ما على المستخدم هو توصيل اللعبة بالتلفاز والاستمتاع بألعاب الماضي، حيث إمكانيات الحاسوب وقتها كانت محدودة لكنها كانت ألعاب جميلة.

ما الشيء المميز في هذه القصة؟ ليست اللعبة ولا تصغير الحاسوب فهذه أمور لم تعد تدهش أحداً، إنما إرادة هذه المرأة ورغبتها في التعلم هو الشيء المميز، فهي مجرد هاوية وليست مهندسة حصلت على شهادة من جامعة مرموقة، وهواة الإلكترونيات في الماضي كانوا هم مخترعي الحاسوب وأجزاءه المختلفة وأبرزهم هو Steve Wozniak أحد مؤسسي شركة أبل ومهندس جهاز Apple I وApple II ومخترع بعض قطع الحاسوب، هؤلاء الهواة كانوا سبباً في تطوير الكثير من الاختراعات التي نستخدمها اليوم.

هذه المرأة تعلمت بنفسها هندسة الإلكترونيات واستعانت بالإنترنت وقرأت الكتب ودرست تصاميم الإلكترونيات في الماضي، وقد التقت في أحد معارض الإلكترونيات بستيف وسألته عن أسرار محرك الأقراص المرنة (Floppy Disk) الذي كان يعمل في جهاز Apple II وأعجب باهتمامها ومعلوماتها، وقد بدأت في الاستفادة من خبراتها في تصنيع سيارات لا سلكية وربحت الكثير من هذا العمل وخرجت من المدرسة!

بعد ذلك أنشأت محلاً لتجميع الحواسيب وصيانتها ونجحت في عملها هذا وافتتحت أربعة فروع أخرى، وفي عام 2000م باعت هذه المؤسسة بسبب هامش الربح الذي انخفض، التحقت بكلية Walla Walla (اسم غريب!) وكانت تسأل المدرسين في هذه الكلية ولم تجد إجابة لديهم، لم تيأس وقامت بمحاولة إنشاء حاسوب يحاكي جهاز كومودور ونجحت في ذلك وسمي الجهاز C-1، ويكفي استبدال البرنامج في هذا الجهاز لكي يحاكي حواسيب أخرى مثل أتاري وSinclair.

يمكن لأي شخص أن يبدأ الآن ويتعلم، وهذه الإنترنت تحوي الكثير من المعلومات المفيدة، فقط ابحثوا عنها، وبالطبع لا بد من قراءة الكتب ومن تجربة ما يتعلمه المرء عملياً، ومع مرور الأيام واستمرار اكتساب الخبرة والعلم يمكن للمرء أن يبدع ويتفوق على من سبقوه.

وهذه روابط أخرى مفيدة حول الموضوع:

الشغف يقوده إلى الإبداع
قصة أخرى، هذه المرة لمبرمج تعاقدت معه شركة أبل لإنتاج برنامج ما، لكن المشروع الذي كان يعمل فيه ألغي وانتهى عقد العمل ولم يعد هذا الرجل موظفاً رسمياً في الشركة، إلا أن بطاقة الدخول التي يمتلكها كانت تعمل وتفتح الأبواب! واستغل هذا الأمر للدخول إلى مبنى الشركة، وقد كان يعرض عمله على مهندسي أبل فيعجبون به ويساعدونه، تعاون معه اثنان من مهندسي أبل لإعادة برمجة برنامج وجربوه على حاسوب أبل.

كان الرجل يعمل لساعات طويلة ومهندسي أبل يتعاونون معه سراً لإنجاح مشروعهم، لكنه واجه صعوبات، منها أن مسؤولة ما سألته عما يعمل فأخبرها بالحقيقة فطلبت رجال الأمن وألغيت البطاقة التي كان يعتمد عليها للدخول إلى مبنى الشركة، لم ييأس، وحانت له فرصة حينما قامت أبل بإلغاء الكثير من الوظائف، ووجد مكتبين فارغين استغلهما لإنجاز مشروعه، وكان يدخل إلى المبنى خلسة مع المهندسين الذين كانوا يساعدونه على الدخول.

أكمل المبرمج عمله وتعاون مع المهندسين، وشيئاً فشيئاً زادت المساهمات وبدأ المشروع يأخذ شكله النهائي، حتى انتهى في عام 1994م وأصبح البرنامج موجوداً مع كل حاسوب أبل، البرنامج هو آلة حاسبة مرئية (Graphing Calculator) استفاد منها المدرسون والطلاب، وبيع 20 مليون حاسوب أبل يحوي هذا البرنامج، الذي قام بجهود شخص عاطل عن العمل، ويعمل بشكل غير رسمي في شركة أنهت التعاقد معه، وشحن البرنامج ولم يكن هناك اعتراف رسمي به!

إقرأ القصة وتعرف على كافة تفاصيلها.