السبت، 19 فبراير 2005

تفائلوا بالخير … تجدوه

من الغريب حقاً أن أرى الكثير من الناس يركزون فقط على الجانب السلبي، الجانب المظلم، يركزون على المعوقات والصعوبات، يركزون على ما يحزنهم ويغضبهم، وينسون أو يتجاهلون الجانب الإيجابي، الجانب المضيئ، ينسون الإمكانات وفرص النجاح، ينسون ما يسعدهم، غريب حقاً أن البعض يحاول تقييد نفسه في عالم كئيب حزين.

لا أدعو هنا إلى أن ننسى العقبات أو الجانب المظلم أو ننظر إلى الدنيا نظرة وردية، كل ما أدعو إليه هو التفائل مهما كانت الظروف حولنا صعبة، هناك فرص للنجاح ولا يمكن أن ينجح شخص ما بدون أن يواجه عقبات، ولكل مشكلة حل، ليس من المعقول أن نتوقف عن المحاولة لمجرد أن هناك مشكلة ما تقف أمامنا، علينا أن نقفز فوقها، نتجنبها، نسير في طريق آخر حتى لا نواجهها، نفعل أي شيء لكي نكمل الطريق وننجح ونحقق أهدافنا.

حدثني صديق لي عن مشكلته، فهو خريج جامعي لكنه لم يجد وظيفة إلى الآن وهو بحاجة إلى أي وظيفة، مشكلته الآن كما أراها هي أنه يضيع وقته بدون فائدة، يضيع وقته في المقاهي وفي ساعات النوم الطويلة وفي السينما وغيرها من الأمور، هذا الوقت الثمين الذي يضيع هدراً كان بإمكانه أن يستغله لكي يقرأ ويتعلم ويثقف نفسه، يتعلم الحاسوب، يطور قدراته في اللغة الإنجليزية، ينمي علاقاته بالناس، يفكر في مشروع خاص قليل التكاليف، يمكنه أن يستغل وقته هذا في الكثير من الأشياء بدلاً من انتظار الوظيفة التي لا يعلم متى سيحصل عليها.

قال لي: ليس لدي مال كثير، قلت بما معناه: لست بحاجة لأموال كثيرة لتطور نفسك، لديك مكتبة في المنزل، لدي أنا مكتبة وتستطيع أن تستعير مني ما تريد، هناك مكتبة عامة في المجمع الثقافي، مقاهي الإنترنت تقدم خدماتها بأسعار جيدة، لماذا تنفق مالك في المقاهي على الشاي والقهوة والسجائر ولا تنفقها على شيء يفيدك؟ لماذا لا تفكر في مشروعك الخاص؟ أنت أيضاً أحد أسباب المشكلة التي تعاني منها.

كل إنسان لديه موارد، أولها وأهمها وأثمنها هو الوقت، وللأسف فهو أكثر ما يضيع منا وأكثر ما يتساهل الناس في تضييعه، البعض مستعد لتضييع ساعات في مقهى وغير مستعد لدفع عشرين درهماً لكتاب، والوقت مورد يتساوى كل الناس فيه، لدينا يومياً أربع وعشرون ساعة ولا يمكن أن تجد شخصاً ما لديه ساعات أكثر من الآخرين، استغلال هذا الوقت هو مسؤوليتنا نحن، فلا تلقي باللوم على الظروف والناس، أنت تمتلك هذا الوقت وأنت المسؤول الوحيد عنه.

ما ينطبق على الوقت ينطبق أيضاً على المال والعلاقات والمهارات إلا أن هذه الموراد غير متساوية بين الناس، هناك من ولد في أسرة فقيرة وهناك من ولد في أسرة غنية، هناك شخص لديه مهارات عديدة وشخص آخر لا يملك أي مهارة، لكن في كل الأحوال يمكن للمرء أن يكسب المزيد من المال وينمي علاقاته ومهاراته "إن أراد" ... ولاحظوا جملة إن أراد هذه، لأن الأمر كله مرهون بالإرادة.

يبقى هنا سؤال يتكرر دائماً أمامي حينما أتحدث عن هذا الموضوع: ماذا لو حاول المرء وبكل طاقته ولم ينجح؟ أقول: يكفيه شرف المحاولة، لا يسقط إلا من يتحرك، أما من بقي ثابتاً في مكانه فلن يسقط أبداً لأنه جامد ثابت ميت ... فاشل! وديننا دين عدل ورحمة، من كانت نيته صادقة وحاول أن يفعل خيراً لنفسه أو للآخرين ولم ينجح فأجره عند الله لا يضيع، فلم نخاف من التجربة؟ لن نخسر شيئاً، أما من وقف في مكانه خائفاً من النجاح فهذا خسر حياته كلها.