الثلاثاء، 25 يوليو 2006

أريد أن أكون إرهابياً

لا أدري كيف وصلت إلى مدونة الأخت الفاضلة مرام عبد الرحمن مكاوي، لكن أشكر من وضع رابطاً في مدونته لموضوع لو كنت عربياً ... لكنت إرهابياً لأنه موضوع جاء في وقته في ظل الكارثة التي نراها في لبنان وفلسطين.

عالمنا اليوم لا يفهم منطقاً سوى منطق القوة، لا العدل ولا حقوق الإنسان ولا المساوة، القوة فقط هي التي تتحكم بحياتنا، إذا كنت تملك القوة فأنت على حق، وإن كنت الطرف الضعيف فأنت إرهابي ظالم يجب أن تسحق، تبدو لي هذه قصة مألوفة؟

لنعد إلى كتب التاريخ، الكثير من الحروب بدأها طرف أدعى أن الطرف الآخر بدأ الحرب، لكن مع الأيام تنكشف الحقيقة ويجد الناس أن أسباب الحرب ما هي إلا ذرائع للهجوم كان ينتظرها من يريد الحرب، وقد يصنع الطرف الأقوى تمثيلية متقنة تكون نتيجتها في النهاية الحرب.

حرب العراق مثلاً، أسبابها المعلنة هي امتلاك نظام صدام أسلحة دمار شامل، بعد الحرب تبين أنه لا توجد أسلحة وصرح الأحمق المطاع أنه حتى لو لم تكن هناك أسلحة دمار شامل ستقوم الولايات المتحدة بغزو العراق، الأسلحة مجرد ذريعة لا أكثر.

ولأن أمريكا هي الطرف الأقوى في هذه الحرب ولديها آلة إعلامية جبارة، تجد الكثير من الناس صدقوا إدعاءات الآلة الإعلامية، فأمريكا تريد الخير للعراق وشعبه، وأمريكا تريد الحرية والديموقراطية للعراق وشعبه، وهي لم تضح بجنودها إلا من أجل سواد عيوننا، بعض كتاب العرب كانوا أمريكيين أكثر من الأمريكان أنفسهم ولا زالوا يكتبون مثل هذا الهراء كل يوم.

نحن كعرب ومسلمون نشعر بظلم كبير يقع علينا، ظلم من حكوماتنا المتخاذلة وظلم من دول العالم التي تسمعنا أنها تريد الحق والعدل وتجعلنا نرى العدل قذائف تدمر كل شيء، العربي اليوم يشعر بدرجات الظلم تضغط عليه حتى لم يعد يشعر بعضنا بأي أسى من المشاهد المفزعة التي نراها كل يوم في إعلامنا، فقدنا الحس الإنساني، فقدنا أرواحنا وأمسينا مخلوقات تعيش لمجرد أن تعيش.

بعضنا يشعر بالدونية، يشعر بأنه أقل شأناً من الآخرين في الدول المتقدمة، هو إنسان في مرتبة أدنى، هكذا يشعر البعض، لذلك تجدهم يحلمون بالهجرة إلى الدول المتقدمة، وبعضهم يصل إلى ما يريد وينسى أو يتجاهل كل شيء يربطه ببلده، بعض العرب المهاجرين أشد على العرب من الغربيين أنفسهم، أحدهم لم يخجل من تكرار اقتراحه للحكومة الأمريكية بأن تغزوا كل البلدان العربية وتغير كل شيء فيها لكي يتناسب مع الفلسفة الغربية.

كل هذه الضغوطات وكل هذا الظلم لا بد أن يجعل البعض إرهابياً، وأعني هنا أن يساهم في عمليات إرهابية أو ينظم إلى منظمات صنفت على أنها منظمات إرهابية أو حتى يفكر في التفجير والقتل كحل سريع لهذا الظلم.

عندما أرى هذه الصور في الصحف وفي التلفاز، صور لأشلاء أطفال قتلوا بدون ذنب، عندما أرى صورة عجوز تبكي تنتابني رغبة في أن أكون إرهابياً، أفجر نفسي في جنود أعدائنا، كيف يمكن أن أتحمل هذا الظلم ولا أفعل شيئاً وللأسف لا يمكنني أن أفعل شيئاً يأتي بنتيجة سريعة، لدي يقين أن النتائج على المدى البعيد أكثر أهمية ولولا هذا اليقين لما بقيت ساعة على هذا الكرسي، لربما خرجت لأفعل كما فعل الكثير من الشباب العربي، خرجوا للجهاد كما يسمونه والإرهاب كما يصوره الإعلام.

أعلم أن هناك أناس يهتمون فعلاً بالعدل وحقوق الإنسان والمساواة وغيرها من القيم النبيلة، لكن هؤلاء لا سلطة لديهم ولا قوة، ومن يتحكم اليوم في الإعلام وفي الجيوش لديهم قيم مختلفة، إدارة الأحمق المطاع مثلاً لديها توجهات دينية متطرفة، وبين حين وآخر يكشف الإعلام فضائح تورطت فيها هذه الإدارة مع ذلك لم يزحها أحد من الحكم كما حدث مع إدارات أخرى سابقة.

لا أبرر القتل والإرهاب لكنني أفهمه، العالم اليوم لا يفهم سوى منطق القوة، وإذا لم تكن بعض الدول تفهم سوى هذا المنطق فليكن ولتتحمل النتائج.