الثلاثاء، 12 سبتمبر 2006

لنتعلم من ساموا

كنت في الساعة الماضية أقرأ عن مشروع أنجز في دولة ساموا، هذه الدولة عبارة عن جزر في جنوب المحيط الهادئ وتقع تقريباً في منتصف المسافة الفاصلة بين أستراليا وجزر هاواي، عدد سكانها يبلغ ثمان وخمسون ومئة ألف، ومساحتها تبلغ 2831 كيلومتر مربع، وهي دولة جميلة رائعة تستحق الزيارة، فإن استطعت أن تسافر فزر هذه الدولة وما جاورها من دول صغيرة لم تسمع بها من قبل، هنا عالم منسي لا نعرف عنه الكثير.

المشروع هو تركيب وتشغيل حواسيب VIA PC-1 وتوفير اتصال بالشبكة العالمية، المسؤول عن المشروع اسمه سكوت فيبس قام بكتابة سلسلة من ستة أجزاء حول المشروع مع الكثير من الصور، إقرأ الجزء الأول وستجد في نهايته روابط لبقية الأجزاء.

دولة ساموا لا تملك مصدر طاقة كاف، والاعتماد على النفط خيار صعب لتكلفته العالية ولأثره السلبي على البيئة، لذلك اعتمد المشروع على الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء اللازمة لتشغيل الحواسيب، وحواسيب VIA PC-1 نفسها لا تستهلك الكثير من الطاقة، فهي مصممة لكي تعمل في مناطق قد لا تتوفر فيها الطاقة الكهربائية وتتحمل ظروف مناخية صعبة كالحرارة العالية والغبار.

يقول سكوت فيبس في سلسلة مواضيعه أن سكان الجزيرة كانت ردود فعلهم إيجابية فقد توفر لهم مركز حاسوب يمكن أن يستخدمه السكان والسياح أيضاً، ولديهم الآن اتصال بالشبكة العالمية، وأثناء فترة أقامته في ساموا أقيم مؤتمر PaciNET والذي حضره أناس مهتمون بالتقنيات من مختلف أنحاء العالم، وقد أشترى هؤلاء 500 حاسوب من نوع VIA PC-1 خلال المؤتمر لتركيبها في مناطق نائية من العالم، مناطق لم تتصل بعد بالشبكة العالمية.

ماذا عنا نحن؟

ما أحوجنا إلى توظيف الحلول المناسبة في مناطق كثيرة من عالمنا العربي والإسلامي، لدينا ملايين الأميين، لدينا الملايين لا يعرفون شيئاً اسمه الحاسوب أو الشبكة العالمية، ليس لديهم مصادر تعليمية، والأطفال الذين يعيشون في مثل هذه المناطق سيكبرون بدون تعليم لأنهم يعملون من أجل كسب أرزاقهم.

لا تنقصنا الحلول فهي متوفرة، هناك مصادر طاقة نظيفة يمكن استثمارها مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهذان المصدران متوفران لدينا، الشمس تحرق الأرض لدنيا، وبلادنا صحراوية لا ترى السحب إلا في أشهر قصيرة، حتى مع وجود السحب يمكن استغلال طاقة الرياح في كل وقت.

لدينا كتب كثيرة ويمكن أن تطبع بأشكال مختلفة لتتناسب مع احتياجات الناس، يمكن تأليف كتب أخرى إن لم نجد الكتاب المناسب، ويمكن طباعة هذه الكتب بأسعار منخفضة.

ما نحتاجه هو الإرادة، يعجبني الإنسان الذي كرس نفسه لقضية ما، قرأت كثيراً عن قصص أناس قضوا حياتهم من أجل مشروع واحد، امرأة أوروبية تعيش في بلاد بعيدة فقيرة طوال حياتها لكي تساهم في تطوير هذا البلد الفقير، رجل دين أمريكي يعيش في أدغال أفريقيا لكي ينشر دينه بين الناس.

نحن كمسلمين لدينا رسالة تدفعنا إلى التضحية من أجل خير الناس، لاحظوا أنني أقول الناس وليس المسلمين فقط، ما الذي يجعلنا نتقاعس عن العمل، ما الذي يجعلني أبقى على مكتبي ولا أخرج لفعل شيء؟

كمهتمين بالتقنيات علينا ألا ننسى الناس الذين لا يجدون فرصة للوصول إلى مثل هذه التقنيات، علينا أن نعمل على أن ننشر وسائل التعليم ومصادره بين الناس ونشجع على التعليم، عالمنا العربي بحاجة إلى مبادرات فردية وجماعية من أجل التعليم والتطوير وإلا سنبقى كما نحن نندب حظنا ونشتكي ونكتب لبعضنا البعض ونتناقش ثم ننام آخر الليل ونصحوا بدون أي تغيير.

نعم هناك عوائق، وهي متوقعة وستبقى معنا ما دمنا نعيش في هذه الدنيا، لا تنتظر أن تختفي العوائق لوحدها لكي تعمل، بل إعمل لكي تزيل مثل هذه العوائق، ثم لا تنتظر مبادرة من أحد وخصوصاً الحكومات، إما أن تبادر بالتعاون مع الحكومة وقد ترحب بك الحكومة أو أن تتعاون مع مؤسسات أهلية أو مع مجموعة من الناس.

إبدأ بنفسك إن كنت من أصحاب المدونات، اشتري كاميرة رقمية رخيصة وصور لنا مناطق في دولتك تحتاج إلى تطوير وأخبرنا عن قصتها وقصة الناس الذين يعيشون فيها، هذا أقل ما يمكن لأي شخص منا أن يفعله، وإن فعلت ذلك فأرجو أن تخبرني بتعليق على أي موضوع.

وللموضوع بقية، سأتحدث في الموضوع القادم عن حلول ومشاريع أخرى تطبق في العالم، لعلنا نستفيد منها.