المدونات ليست مواقع شخصية، بل هي نوع من المواقع، قد تكون شخصية أو جماعية، قد تكون منوعة أو متخصصة، لكنها كلها تشترك في أسلوب واحد لعرض المحتويات، الصفحة الرئيسية تعرض المواضيع مرتبة من الأحدث إلى الأقدم، هناك رابط ثابت لكل موضوع يمكن الرجوع له دائماً، والمواضيع ترتب في أرشيف حسب تاريخ نشرها أو حسب تصنيفها أو بالأسلوبين معاً، أغلب المدونات تسمح لأي شخص أن يعلق على أي موضوع، وبعضها لا يفعل، بعضها يكتب عدة مواضيع في اليوم وبعضها يكتب موضوعاً واحداً في الشهر.
في هذا الموضوع أريد التحدث عن أفكار مختلفة حول التدوين، أريد أن أوضح بعض النقاط لأن وسائل الإعلام يبدو أنها لم تفهم جيداً ما هي المدونات وأخشى أنها قد تشكل صورة خاطئة عنها.
مدونات سطحية؟
يبدو أن البعض لديه قناعة أن المدونات الشخصية التي يكتب فيها أناس عن أنفسهم وأحداثهم اليومية هي مدونات سطحية، شخصياً كنت أنظر لها بهذه النظرة إلا أنني بدأت أدرك أنني أظلم فئة من الناس وهي بالمناسبة فئة كبيرة.
هناك أناس يكتبون عن أنفسهم لأصدقائهم أو للعائلة، بعضهم يعيش في بلاد الغربة وعائلته تعيش في بلد آخر، بعض الأسر تكتب في مدونة واحدة مع أن أفرادها يعيشون في بلدان مختلفة حول العالم، هؤلاء يكتبون في المدونات كوسيلة تواصل مع أقاربهم والأصدقاء، وسيلة أكثر فعالية وسرعة وأقل تكلفة من الهاتف، هؤلاء ليسوا بسطحيين فهم يستخدمون التقنية بشكل فعال لكي يبقوا على تواصل مع من يحبون.
هناك فئة من الناس يكتبون عن أنفسهم لأنهم يريدون مساحة للتفريغ، ربما يعيشون حياة صعبة أو حياة مملة لا حياة فيها، هؤلاء ربما لا يملكون شيئاً يكتبون عنه سوى أحداثهم اليومية الصغيرة، أحداث قد لا تهم أي شخص لكنها كل ما يملك هذا الإنسان، من الظلم أن نتهم هؤلاء بالسطحية، لأن هؤلاء بحاجة إلى من يقف معهم ويريهم الطريق نحو حياة ذات قيمة وفائدة.
من الظلم أن نتهم هؤلاء وغيرهم بالسطحية، الإنترنت فضاء مفتوح ولن يستطيع أي شخص أن يفرض قواعد محددة لإنشاء المدونات ويلزم جميع الناس باتباعها، علينا أن ندرك هذا وندرك أن لكل شخص منا حق الاختيار، إذا زرت أي موقع ولم يعجبك يمكنك بكل بساطة أن تخرج منه وتنساه ولست ملزماً بأن تحكم عليه بأي شيء.
نعم أشجع على أن يكتب المدون ما يفيد، نعم أشجع على التخصص والكتابة عن الأحداث اليومية والنزول إلى الشارع لمتابعة الخبر، لكن لا يشترط أن يفعل ذلك كل شخص، إن رأيت أن هناك من يكتب عن حياته اليومية وترى أن ذلك خطأ فقم بمراسلته وأخبره بأدب عن ذلك وأخبره عن الأشياء التي يمكن تحقيقها من خلال المدونة، أخبره أنه يستطيع أن يجعل مدونته أكثر فائدة وأكثر غناً، لكن لا تفرض عليه رأيك، لا تحاول أن تقنعه إن لم يوافقك الرأي، لست بحاجة إلى أن تحكم عليه بالسطحية إن طلب منك عدم التدخل في موقعه، أنت فعلت ما عليك فعله وانتهى الأمر.
التدوين المحلي
لا أرى أي مشكلة في أن يتحدث المدون عن بلده فقط ويوجه مدونته لمن يعيش في هذا البلد، لا يوجد قانون يلزم كل صاحب مدونة أن يكتب لكل العالم ولا يمكننا أن نلزم أحد، على العكس تماماً علينا أن نشجع الناس أن يكتبوا عن بلدانهم أكثر وأكثر لأن هذا مفتاح لمعرفة هذه البلدان، لا أظن أن وسائل الإعلام العربي نجحت حتى الآن في تقريب الشعوب العربية كما يمكن للمدونات أن تفعل، عندما يتحدث صاحب مدونة عن قريته أو مدينته والحي الذي يعيش فيه وأوضاع الناس فهو يعطينا صورة أكثر صدقاً وواقعية من الصورة التي ترسمها لنا وسائل الإعلام الأخرى.
المشكلة الوحيدة التي أراها في هذا النوع من التدوين هو اللغة، بالنسبة لي اللغة العربية يجب أن تكتب بالعربية الفصحى وليس بأي لهجة أخرى، أود أن أزور بعض المواقع المصرية والسعودية والمغربية وغيرها لكن ما إن أجد أحدهم يكتب بلهجته المحلية حتى أخرج، حتى المدونات الإماراتي التي تكتب بلهجتنا لا أستطيع قراءتها وفهمها إلا ببطئ شديد.
أرى أنها مشكلة "قابلية وصول" فعندما تكتب باللغة العربية الفصيحة فأنت تعطي فرصة لجمهور أكبر بأن يتصفحوا موقعك ويفهموا ما تقوله.
متفرقات
- مصطلح Weblog ظهر في 1997م أما تعريبه إلى مصطلح المدونات فلم ينتشر إلا أواخر عام 2004.
- المدونات لم تظهر منذ بداية الإنترنت كما قال أحدهم، في الحقيقة لم يكن هناك شيء اسمه شبكة الويب عندما ظهرت شبكة الإنترنت، لكي نكون أكثر دقة علينا أن نقول: المدونات ظهرت منذ بداية شبكة الويب وإن لم تكن تسمى في ذلك الوقت بهذا الاسم، شبكة الويب هي جزء من شبكة الإنترنت.
- الإعلام العربي يقتبس من المدونات، بعض وسائل الإعلام العربي تتخذ المدونات وسيلة للكتابة عن مواضيع حساسة، فهم لا يكتبون عنها بل يقولون أن المدون الفلاني كتب عن كذا وكذا، المدونات أكثر شجاعة في الطرح وفي بعض الأحيان أكثر حماقة.