الأحد، 25 مارس 2007

كيف حالك يا سعيد؟!

هذا هو موضوعي الأخير عن رحلتي إلى أندونيسيا أنثر فيه بعض الأفكار المتفرقة.

لم أسافر كثيراً في الماضي، زرت صلالة ومحافظة ظفار في عمان ثلاث مرات، مرتين عن طريق البر ومرة بالطائرة، وذهبت إلى العمرة مرتين وزرت ألمانيا مرة واحدة وبالتحديد مدينة بون، في كل رحلاتي هذه كنت أتطلع للعودة حتى قبل أن أخرج من المنزل، كنت أكره التغيير وتعب السفر وأكره الغربة وتغير كل شيء من حولي، ولم أشعر بهذا في رحلة أندونيسيا، كنت أريد البقاء وقضاء أسبوعين أو ثلاثة هناك، لأول مرة أشعر بأنني لا أرغب في العودة، هذا تغيير إيجابي.

في المواضيع الماضية كتبت عن أشياء كثيرة أعجبتني في أندونيسيا ولم أتحدث عن الفقر، كما أخبرنا عتبة مرافقنا في الرحلة، وصلت نسبة البطالة في الشعب الأندونيسي إلى ما يقرب من 30%، الكثير من الناس يعانون الفقر ولا يجدون طريقة لكسب العيش، فيلجأون للعمل في أي شيء، رأينا مثلاً بعض الشباب يقفون عند تقاطع الطرق الداخلية في القرى، هناك يكون الازدحام على أشده فيأتي أي شاب لينظم السير، ويقوم بعض سائقي السيارات بتقديم مبالغ مالية بسيطة لهذا الشاب.

أما العجائز ومن لم يستطع العمل فليس أمامهم سوى التسول وقد رأينا بعضهم أمام المسجد الذي صلينا فيه الجمعة، ورأينا بعض الناس يعيشون تحت الجسور، أي أنهم مشردون لا يملكون بيوتاً، الفقر والتشرد من أكبر الجرائم التي تمارس ضد أي إنسان، لأنهما يسلبان إنسانية المرء وتجعله يفكر فقط في حاجاته الأساسية أو يجعلناه غير مهتم بحياته أو حياة غيره، حانق غاضب من كل شيء حوله.

الجوع لمن لم يجربه مجرد شيء يشعر به بين وجبتي الإفطار والغداء، أم الفقراء فهم يشعرون به طوال اليوم، لعل بعضهم لا يأكل شيئاً لأيام، هل يستطيع أحدنا أن يصبر عن الطعام يومين؟

هذا البلد شأنه شأن الكثير من البلدان الإسلامية الأخرى، غني بالثروات وفيه طاقات هائلة لكنها معطلة بسبب حكومات فاسدة تتنافس على السلطة والثروة وقمع الشعوب، إجمع كل هذا في بلد واحد وأضف إليه الجهل بالدين والدنيا وستجد مكاناً مثالياً لتوليد الإرهاب.

مع كل ما قلته هناك دائماً فرصة لتصحيح الأوضاع، ونحن كمسلمين وعرب يمكننا أن نساهم بشكل إيجابي في تغيير الواقع إلى الأفضل، وعلينا أن نهتم بالمسلمين في أندونيسيا كما نهتم بالناس في بلداننا فهم إخواننا وما يضرهم يضرنا.

متفرقات

  • أخطأت حينما أخذت معي كتاباً يتحدث عن الحاسوب، وقد كنت أنوي قراءته في رحلة العودة ولم أفعل، في السفر والرحلات كتب الحاسوب والتقنية لا تصلح فعليك بقراءة كتب الأدب والرواية والتاريخ والمجلات المفيدة.
  • إذا كنت تنوي زيارة أندونيسيا فأنصحك بأن تأخذ معك شخصاً يعرف البلاد والأفضل أن يكون سائقاً، لأن قيادة السيارات هناك عملية صعبة، ثم أهل البلاد أدرى بشعابها وأعلم بالأماكن الجميلة.
  • إذا زرت أندونيسيا وأنت تلبس ما يدل على أنك عربي فتوقع أن يتحدث الناس معك وينادونك، أحدهم قال لي: كيف حالك يا سعيد؟! ولم أعرف كيف أرد عليه لأنني كنت مشغولاً بشيء آخر، كل ما في الأمر أن الناس يحبون التحدث بالعربية ويريدون التدرب عليها لذلك تحدث معهم فذلك يسعدهم.
  • لا تأكل شيئاً من طعام الشوارع، ستجد باعة كثر في الطرقات، إن كنت تهتم بصحتك فلا تتناول شيئاً من طعامهم، المطاعم والفنادق تقدم أطعمة مماثلة ونظيفة، طعام الشوارع يتعرض لدخان السيارات وأكثرها من نوع الديزل الأسود الثقيل.
  • العملة الأندونيسية - تسمى روبية - تأتي بفئات كثيرة، فهناك مئة ألف روبية وخمسين ألف، إحرص على أن تحمل معك الكثير من الفئات الصغيرة التي تبدأ من مئة روبية، ستفهم فائدة ذلك هناك.
  • هذه البلاد ملونة! أعلم أن قول ذلك غريب لكن ستفهم لماذا قلت ذلك لو زرتها أو زرت أي بلد آسيوي، الحافلات والشاحنات تلون بألوان مختلفة وبعضهم يرسم عليها صوراً وزخارف، إن كنت من محبي التصوير فلديك فرصة لتلتقط صوراً رائعة، ولمن يظن أن المسألة بسيطة هنا فعليه أن ينظر إلى روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة وكوريا الشمالية، هذه البلدان رمادية كئيبة!

أخيراً: يمكنكم التعليق على هذا الموضوع، استثناء صغير :-)