خرجت من المؤسسة وأنا أغلي من الضيق والغضب وأقول لنفسي: "لا زلنا في القرن الماضي وإن ادعينا أننا نستخدم أحدث التقنيات، عقولنا لا زالت في الماضي،" كنت أريد أن أقول هذا الكلام لأي شخص مررت به في المؤسسة لكن لم أفعل ذلك، أخشى إن فعلت أن تأتي سيارة الإسعاف لتحملني مباشرة نحو مستشفى الأمراض العقلية.
أخبرت السائق عن القصة فقال لي: "في داخل هند أي إنسان يقدر يكتب كتاب، حكومة مال هند public، حكومة مال إنتا ما في public"
الترجمة من عرب-أردو-إنجليش إلى العربية: في الهند يستطيع أي شخص أن ينشر أي كتاب بدون أذن من الحكومة، حكومة الهند ديموقراطية منتخبة من قبل الشعب، أما حكومتكم فليست كذلك.
لماذا ونحن في عام 2007 بحاجة إلى أن نراقب نشر الكتب في الإمارات؟ توجه الحكومة نحو تشجيع الثقافة والفعاليات الثقافية يجب أن يكون شاملاً متكاملاً، فلا يعقل أن نراقب الكتب كما كنا نفعل في القرن الماضي، نحن الآن في عالم مختلف وعلينا إن أردنا تشجيع صناعة النشر أن نزيل كل العوائق التي تقف أمام الناشرين.
من المفترض أن تكون الرقابة بعد نشر الكتب لا قبلها، ثم من المفترض أن ينشر الكتاب بدون أن يتطلب ذلك أي معاملات حكومية إلا تسجيل الملكية الفكرية، ولو أردنا أن نقلد الغرب في كل شيء فلنقلدهم في صناعة الكتب حيث تنشر الكتب وتطبع بدون أي إجراءات رسمية فكل شيء يتفق عليه بين المؤلف والناشر.
في الحقيقة لم أتضايق من متطلبات قسم الرقابة في وزارة الإعلام التي ألغيت ولم يعد لدينا وزير إعلام، لم أتضايق لأنني أعرف مسبقاً ما يريدون، الذي تضايقت منه هو الشخص الذي تحدثت معه هناك، حتى أنني بعد أن انتهيت من حديثي وعلى غير عادتي لم أقم مباشرة بل جلست قليلاً أحملق في هذا الرجل الجالس أمامي والذي كان يضرب "الدباسة" بعنف لعله يجمع بين أوراق اهترأت من كثرة الضرب، أيعقل أن يكون هذا مراقباً على الكتب التي يؤلفها الأدباء والعلماء وحملة الشهادات العليا؟
أتدرون ما مثل الرقابة على الكتب؟ مثلها كالمنتديات الحكومية الرسمية التي قامت بإنشاءها بعض الحكومات والتي لا تنشر أي موضوع قبل موافقة المراقب، هل سبق لكم أن مررتم بمثل هذه المنتديات؟ ستلاحظون أمرين، الأول أنها ميتة باردة لا حياة فيها والثاني أنها تخلو من أي نقاش صريح.
حال الكتاب لدينا لا يختلف كثيراً عن هذا المثال، إن أردنا إحياء صناعة النشر فعلينا أن نلغي الرقيب قبل النشر ونترك السوق نفسه يراقب.