الثلاثاء، 31 يوليو 2007

حواسيب رخيصة

شركات الهواتف النقالة تتنافس في ما بينها بشراسة على قطاعين من السوق، الأول هو للأجهزة المتقدمة غالية الثمن التي تحوي الكثير من الخصائص، هذه الأجهزة تكلف في سوق الإمارات ما يزيد عن 1000 درهم وبعضها يصل إلى 3000 درهم أو أكثر، والكثير من الناس يقتنونها ويبدلونها بين حين وآخر لأنها أصبحت كالموضة تأتي وتذهب بسرعة.

القطاع الثاني من السوق هو للأجهزة الرخيصة جداً، وهو أكثر أهمية من القطاع الأول لأن الشركات تتنافس فيه من أجل الحصول على حصة من سوق يبلغ تعداد زبائنه المحتملين 5 مليارات إنسان، وهناك الكثير من الهواتف الرخيصة التي تصل تكلفتها في سوق الإمارات من 110 دراهم وحتى 400 درهم، وقد بدأت هذه الهواتف في الانتشار في دول إفريقية وآسيوية ودول أخرى حول العالم لم يسبق لها أن استفادت من شبكات الهواتف النقالة.

بعض شركات الاتصالات في العالم تقدم هواتف مجانية مقابل الاشتراك في خدماتها، هذا يساعد على انتشار الهواتف أكثر وأكثر بين سكان العالم.

ماذا عن الحواسيب؟ للأسف لم نصل بعد إلى درجة يستطيع المرء فيها شراء حاسوب لا يكلف سوى 500 درهم أو أقل، إن لم نستطع تخفيض أسعار الحواسيب إلى هذا الحد وأكثر فلن يستطيع الكثير من الناس الحصول على حواسيب ولن يتمكنوا من الاستفادة مما تقدمه هذه الأجهزة.

قد يسأل أحدكم: هل نستطيع فعلاً إنتاج حاسوب بهذا السعر؟ وربما البعض يظن أن ذلك مستحيلاً لكن هناك أمثلة في الماضي والحاضر تثبت أن الحاسوب يمكنه أن يكون رخيصاً وفي متناول شريحة واسعة من الناس.

في البداية الهواتف النقالة نفسها هي حواسيب فهي تحوي كل أجزاء الحاسوب من معالج وذاكرة ووسائل إدخال للمعلومات وشاشة لعرض المعلومات، ثم لدينا الأجهزة الكفية، فشركة بالم مثلاً تنتج جهازاً اسمه Z22 وسعره يبلغ 99 دولاراً أي 370 درهماً، وهو حاسوب كامل وإن كان يفتقر لبعض الخصائص المهمة، لكن المهم هنا هو أن الشركات تستطيع إنتاج حواسيب رخيصة الثمن وقادرة على أداء المهمات الأساسية بسهولة، فلماذا لا تفعل؟

أمثلة من الماضي

في الثمانينات من القرن الماضي كانت شركات الحاسوب تتنافس بقوة على السوق الجديد الذي بدأ في النمو السريع، ولم تكن الحواسيب متوافقة مع بعضها البعض فلا الأجهزة أو البرامج ولا حتى الملفات يمكن تبادلها إلا ربما الملفات النصية، كانت هناك عشرات الشركات ومئات الحواسيب، لكن القليل منها هو الذي أحدث أثراً.

من هذه الحواسيب جهاز ZX Spectrum الذي صنع في بريطانيا، وجهاز كومودور 64 الذي صنع في أمريكا.

هناك أمور كثيرة مشتركة بين الجهازين، فكلاهما كان مشهوراً بشكل كبير حتى أن شركات في شرق أوروبا وفي الاتحاد السوفيتي سابقاً وفي الصين وتايون ودول أمريكا الجنوبية قامت بتقليد الجهازين، كلاهما يستطيعان تشغيل ألعاب كثيرة مشهورة وكلاهما كانا يأتيان مع لغة البرمجة بيسك ومع كتيبات لتعليم البرمجة، ولا زال الكثير من الناس يحتفظون بهذه الأجهزة أو يتاجرون بها وببرامجها وملحقاتها ويقومون بإدارة مواقع تجمع محبي هذه الأجهزة.

لا زال البعض يطور إضافاة لجهاز كومودور 64، فهناك قرص صلب ومنفذ Ethernet لتوصيله بالشبكات وهناك نظام تشغيل حديث ومتصفح وبرنامج للبريد الإلكتروني، مع أن مواصفات الجهاز بسيطة جداً لكن عشاقه استطاعوا إبقاءه مفيداً حتى يومنا هذا.

من ناحية السعر هذه الحواسيب لم تكن في الحقيقة رخيصة جداً، لكنها كانت رخيصة كفاية لتدفع الناس لشراءها والكثير منهم تعلموا البرمجة أول مرة على هذه الحواسيب وقاموا بعد ذلك بإنشاء شركات تنتج ألعاباً وبرامج مشهورة.

هناك مثال آخر من اليابان حيث اتفقت شركات عدة على مواصفات قياسية سميت MSX ويمكن لأي شركة في العالم أن تنتج حاسوباً بهذه المواصفات، والفائدة تكمن في تخفيض سعر الحاسوب وفي توافقه مع الحواسيب الأخرى التي تتبع هذه المعايير، وقد قامت شركات عدة في اليابان وأوروبا وأمريكا والبرازيل والأرجنتين وغيرها بإنتاج حواسيب من هذا النوع، كانت تتميز بقدراتها العالية مقارنة مع الحواسيب الأخرى في ذلك الوقت.

إقرأ أيضاً

ملخص

في الموضوع السابق تحدثت عن حاسوب واحد وهو TRS-80 Model 100 مركزاً على نقطة البساطة والمتانة وقدرة الحاسوب على العمل لسنوات طويلة، وفي هذا الموضوع أركز على السعر، لماذا لا تريد الشركات إنتاج حواسيب رخيصة؟ لا شك لدي أن الشركات قادرة على إنتاج حواسيب رخيصة لكنها لا ترغب في فعل ذلك لأسباب أجهلها.

تصور أنك في المستقبل القريب تستطيع أن تذهب إلى أي جمعية أو سوبر ماركت وتشتري حاسوباً بمبلغ لا يزيد عن 400 درهم، عندما تعود إلى المنزل تقوم بوصله بالتلفاز وبشبكة الإنترنت أو بالخط الهاتفي وتبدأ مباشرة في استخدامه بدون أي تعقيدات، هل هذا مستحيل؟ بالطبع لا لكن الشركات الكبرى لا تحب المغامرة وترغب في بقاء الحال على ما هو عليه مع تطوير الأجهزة بشكل بطيئ، ولو نظرنا إلى التطورات في الحاسوب فلن نجد الكثير ففي السنوات الماضية كانت المواصفات تتحسن بينما التقنيات هي هي لم تتغير كثيراً.

مرة أخرى أكرر ما قلته سابقاً، علينا ألا نقبل بما يطرح اليوم ونظن أنه لا ليس بالإمكان أفضل مما كان، على العكس تماماً أنا واثق أننا نستطيع إنتاج أجهزة أرخص وأبسط وتستطيع أن تقدم الوظائف الأساسية، الأمر يحتاج إلى تفكير في الأهداف والاستخدامات وعلى أساسها يصمم الحاسوب.