هل تعرف أول حاسوب محمول أنتج تجارياً؟ وزنه يصل إلى 10.7 كيلوجرام وهو مصمم على شكل شنطة كبيرة ويحوي شاشة صغيرة بلون واحد ولا يأتي مع أي بطارية فعليك أن تقوم بإيصاله إلى أي مقبس كهرباء، هذا الحاسوب هو Osborne 1 والذي أنتج في عام 1981م.
مرت الأعوام وظهرت حواسيب محمولة مختلفة من أبرزها حاسوب TRS-80 Model 100 والذي بدأ حياته في شركة كيوسيرا اليابانية حيث صممته وأنتجته وقام بيل غيتس بكتابة لغة البرمجة بيسك لهذا الحاسوب وهذا آخر برنامج ساهم في برمجته.
هذا الحاسوب جاء بأربع نسخ من أربع شركات:
- كيوسيرا الشركة المصنعة للحاسوب والتي أعطت رخصة للشركات الأخرى لإنتاج حواسيب مماثلة.
- تاندي ونسختها من الحاسوب هي الأشهر.
- NEC اليابانية.
- أوليفتي الإيطالية.
هذه الحواسيب الأربع لا تختلف كثيراً عن بعضها البعض، لكن سأركز على حاسوب TRS-80 فهو يعمل بأربع بطاريات صغيرة ويحوي معالجاً بسرعة 2.4 ميغاهيرتز، وذاكرة تصل إلى 32 كيلوبايت وجهاز مودم بسرعة 300bps! أي 30 حرفاً في الثانية تقريباً ولست متأكداً من الرقم، قد أكون مخطئاً هنا وتكون السرعة 3 أحرف فقط في الثانية.
كان الحاسوب يحوي العديد من البرامج من أهمها لغة بيسك التي تتيح للمستخدم إنشاء برامجه الخاصة، وهناك بالطبع محرر نصي وبرنامج اتصال وبرنامج عناوين وروزنامة هذا كل شيء.
الآن قد يقول أحدكم: "مرة أخرى تتحدث عن حاسوب قديم بمواصفات بسيطة جداً وتريد منا أن نستخدمه، نحن في عصر آخر وبحاجة إلى أحدث التقنيات!" لا تستعجل، لا أريد لأحد أن يستخدم هذا الحاسوب بل أريد أن نتعلم ونستفيد من الماضي.
هذا الحاسوب كان مشهوراً بين مؤسسات الصحافة، فباستخدامه يتمكن الصحفي من من كتابة تقريره من موقع الحدث ثم إرساله عبر خطوط الهاتف ليصل خلال دقائق إلى الصحيفة، هذا وفر الكثير من الوقت والجهد.
الحاسوب يعمل فوراً، لا بعد عشر أو عشرين ثانية، بل قم بتشغيله وسيعمل فوراً، لا حاجة للانتظار، لماذا لا تستطيع أحدث الحواسيب اليوم فعل ذلك؟ لأسباب تقنية مختلفة ليس من بينها عدم استطاعة الشركات فعل ذلك، بل هي تستطيع لكنها لا تفعل لأسباب أجهلها.
الكثير من المقالات التي قرأتها عن الحاسوب تذكر أنه متين الصنع، يمكن أن ترميه من ارتفاع متر ونصف تقريباً ولن يحدث له شيء أنظر إلى الصورة، حواسيب اليوم ليست بهذه المتانة، وإذا أردت حاسوباً بهذه المتانة فعليك أن تبحث عن واحد صمم على أساس أنه سيستخدم في أماكن صعبة أو لأغراض عسكرية.
لا زال الكثير من الناس يشترون هذه الحواسيب ويستخدمونها، الصحفيون على وجه التحديد، هناك من يذهب بهذه الأجهزة إلى دول إفريقية حيث لا كهرباء والبيئة قاسية، هذه الحواسيب تستطيع أن تعيش في مثل هذه البيئة وتعمل لمدة طويلة بسبب اعتمادها على البطارية العادية التي تستطيع شراءها من أي مكان، ثم ليس هناك أي أجزاء متحركة في هذا الجهاز، لا قرص صلب ولا مراوح، لذلك لا زال هذا الجهاز يعمل منذ أنتج في منتصف الثمانينات وحتى اليوم.
هناك منظمات تعتمد على هذه الحواسيب مثل منظمة Jane Goodall وحديقة حيوانات لوس أنجليس وحديقة حيوانات أوكلاند، هذه المنظمات تستخدم الحاسوب لتسجيل سلوك الحيوانات، وهناك من يستخدمها للتحكم بالرسائل التي تعرضها اللوحات الإلكترونية على طرق ولاية كاليفورنيا، هناك من يستخدمه للتحكم بمحطة أرصاد جوية، أو يستخدمه شخص يهوى الراديو لإرسال الرسائل أو يستخدمه آخر للتحكم بإطلاق الصواريخ، صواريخ صغيرة للهواة وليست صواريخ حربية. المصدر
على قدم هذه الحواسيب إلا أن البعض ما زال يستخدمها؟ لماذا؟ هل هي أفضل من حواسيب اليوم؟ بالتأكيد لا هي في الحقيقة مثيرة للشفقة عندما نقارنها بحواسيب اليوم، لكن حاسوب هذه الأيام لا يناسب البعض بسبب ما يحويه من خصائص، لأن كثرة الخصائص تجعله أقل إنتاجية وأقل تركيزاً على عمله، لأن حواسيب اليوم قد لا تصلح للعمل في ظروف صعبة.
هناك أناس يريدون إنجاز أعمالهم وهم جادون في فعل ذلك ولهذا يقتنون مثل هذا الحاسوب البسيط ليبتعدوا عن كل شيء يلهيهم، فلا إنترنت ولا بريد إلكتروني ولاحاجة للجلوس في مكان واحد، بل يمكن العمل في أي مكان تقريباً.
اليوم ليس هناك الكثير من الشركات التي تنتج حاسوباً مثل TRS-80 Model 100، هناك كويك باد وألفاسمارت التي سبق وأن كتبت عنها، هذه الحواسيب تباع في أمريكا وأوروبا ولا تدعم العربية بالطبع، وهي حواسيب مشهورة بين المدارس وطلبة الجامعات والصحفيين والكتّاب.
هذه الحواسيب ليست بديلاً للحواسيب المكتبية، فلا يعقل أن أنادي بأن نتخلص من حواسيبنا لنشتري هذه، أقول هذا لأنني أعلم أن البعض يظن أنني ادعوا لذلك.
إقرأ أيضاً:
- Club100.org، يمكنك شراء أحد هذه الحواسيب من هذا الموقع إذا أردت.
- صفحة للجهاز من موقع oldcomputers.net.
- 8bit-Micro، صفحة للحواسيب المحمولة القديمة ومن بينها الجهاز الذي نتحدث عنه.
- صفحة للحاسوب من موقع DigiBarn
ملخص
أريد أن أصل إلى عدة نقاط بطرح هذا الموضوع وغيره، وأنا أوجه كلامي للمهتمين بالحاسوب وعلومه، علينا ألا نقبل ما يطرح اليوم من تقنيات وأجهزة ونظن بأنها أفضل ما يمكن أن يقدم، الماضي يحوي دروساً كثيرة تثبت أن ما يقدم اليوم ليس بأفضل مما كان في الماضي وفي بعض الحالات ما يقدم اليوم هو في الحقيقة أسوأ.
النقطة الثانية هي أن زيادة الخصائص وتضخم البرامج لا يعني بالضرورة إنتاجية أفضل، على العكس تماماً هناك من يرى أنه منتج أكثر باستخدام أجهزة أبسط.
النقطة الثالثة والأخيرة: لا شيء يجبرك أو يجبر المؤسسة التي تعمل فيها على شراء الأحدث خصوصاً إن كان المنتج الحالي يعمل بشكل جيد ويؤدي ما تحتاجه منه، في هذه الحالة شراء الجديد ما هو إلا هدر للأموال والأوقات.