قرأت في صحيفة الإمارات اليوم عموداً للأستاذ حمدان الشاعر تحدث فيه عن تسويق الكتب وتحدث فيه عن روايات نجيب محفوظ وروايات هاري بوتر، أوافق الكاتب على كل ما قاله إلا فقرتين أضعهما هنا.
يتحدث الشاعر عن آخر روايات هاري بوتر ويقول:
القارئ لهذا الكتاب سيفاجأ بكم الخزعبلات والسحر الموجود بين دفتي الكتاب، ويكاد القارئ لا يخرج بمعلومة حقيقية أو منفعة ذهنية منه، في الوقت الذي يروج فيه كثيرون لهذا الإقبال الجنوني على الكتاب بكون يشجع على القراءة وهو الأهم في كل هذه الاحتفالية.
روايات هاري بوتر هي كبقية الروايات، فيها الكثير من الخيال أو يمكن أن تسميه خزعبلات، لكن أليس هذا أمر طبيعي في الروايات؟ هناك أنواع مختلفة من الروايات وهاري بوتر يمكن تصنيفه ضمن الروايات الخيالية تماماً كرواية سيد الخواتم وغيرها، هذه روايات لا تحوي معلومات حقيقية أو منفعة ذهنية وهذا أمر طبيعي، لكن هناك الأخلاقيات، الخير والشر، الصداقة والخيانة، التضحية والأنانية وغيرها من القيم، هذه القيم نجدها في كل الروايات إلا تلك التي لا يفهمها أحد وتسمى أدب "ما بعد الحداثة" أياً كان معنى هذا الشيء.
أما ترويج الآخرين لهذا الكتاب فهو ليس مشكلة الكاتبة أو دار النشر أو الروايات نفسها، في الحقيقة هذا الترويج هو درس لنا لنتعلم كيف يمكن أن نؤلف كتباً تستحق أن تقرأ وتروج بهذا الشكل، نعم أوافق أن الأمر تعدى مجرد التسويق العادي ليصبح هوساً وحمى استهلاكية، وهذا ليس مشكلة تمنع أي شخص من قراءة الروايات، ومرة أخرى لماذا لا نستطيع فعل ذلك مع الروايات العربية؟
في الفقرة التالية يقول الشاعر:
وقد يكون هذا حديثاً له ما يبرره، ولكن بالتأكيد لا يستدعي الترويج لمثل هذه الخرافات والسحر الأسود الخالية من أية قيم دينية وأخلاقية، ولا أن نقلل من شأن جهود مؤلفي كتب الناشئة الآخرين ونغفل أن هناك عشرات الأسباب التي تجعل الكاتب يحجم عن خوض عمار التأليف للصغار على وجه الخصوص.
سؤالي لكل من يقول أن روايات هاري بوتر تحوي سحراً أسود وخرافات خالية من الأخلاقيات: هل قرأتم الروايات؟
لو قرأ أي شخص الروايات فلن يجدها "دليل السحر للمبتدئين" ولن يجد "10 طرق للتفريق بين المرء وزوجه" ولن يجد "كيف تجعلين الرجل يحبك بخلطة سحرية" ولن يجد أي شيء له علاقة بالسحر في عالمنا الواقعي، فلماذا يصر البعض على أن هذه الروايات تحوي سحراً أسوداً لا أخلاقياً؟ ثم أليس في حكاياتنا العربية القديمة والحديثة شيء من هذا السحر الخيالي؟ لا أجد مشكلة في أن يقول المرء لباب المغارة "إفتح يا سمسم" أو يمسح بيديه على فانوس ليخرج له مارد الفانوس، هذه كلها خيال بحت يمكن أن نقبله كما هو ولا نبالغ في وصفه بأنه سحر أسود لا أخلاقي.
أستغرب أن يقوم البعض في الغرب بحرق هذه الروايات وبمحاولة منع بيعها ووضعها في المكتبات العامة، شخصياً أنا حريص على الدين والأخلاق بالقدر المستطاع وأرفض قراءة شيء يحوي جنساً قذراً أو سخرية من الله عز وجل أو سخرية من الدين كما هو موجود في الكثير من الروايات العربية التي يروج لها البعض بشكل جنوني، لو أن روايات هاري بوتر تحوي شيئاً من ذلك فلن أقرأ أو أكتب عنها، لكنني لم أجد شيئاً يستحق أن يمنعني من قراءة الروايات.
أما الخرافات فهي جزء من أي رواية، نعم هناك روايات تصور الواقع لكنها تحوي شيئاً من الخيال، وهناك روايات خيالية تماماً، قد يسميها البعض خرافات ولكنني أرى أنها أدباً شأنها شأن أي روايات أخرى.
هناك فقرة أخيرة من مقالته أريد أن أضعها هنا لأنني أوافقه عليه كثيراً:
التسويق الصحيح هو الذي روج لكتاب لا يحظى بثقل أدبي أو علمي رصين، وهو السر الذي جعله كتاباً يعشقه الملايين، وهو بالضبط ما ينقص كتب العالم النامي حيث لا مكتبات ولا دور نشر تشجع على النشر والتوزيع الصحيحين.
أوافقك تماماً على كل ما قلته هنا إلا في نقطة الثقل الأدبي لروايات هاري بوتر، لأن الكثير من الناس يرون أنها أدباً وأنا منهم، أما النشر والتوزيع والتسويق فهذه نقاط بحاجة إلى بحث وتحليل والأهم من ذلك بحاجة إلى خطوات عملية من أصحاب الشأن.