من الأسباب المهمة التي تجعل البعض يحرص على الاحتفاظ بالحواسيب القديمة هي البرامج القديمة، لا زال البعض يفضل أن يستخدم برامج أنتجت قبل عشر أو عشرين عاماً على أن يستخدم أحدث نسخة منها، لا زال البعض يفضل استخدام برنامج WordPerfect لنظام دوس الذي يحمل الرقم 5.1 وظهر في عام 1989م، لا زال البعض يفضل نسخاً قديمة من برنامج الرسم الشهير فوتوشوب والأمثلة كثيرة، لماذا يفعلون ذلك؟ لأسباب مختلفة، لأنهم يرون أن البرامج في الماضي أكثر بساطة وسهولة، لأنهم لا يحتاجون خصائص جديدة، لأنهم لا يريدون دفع المزيد من المال على أجهزة جديدة لكي يستطيعوا تشغيل البرامج الجديدة.
في بعض الأحيان يجبر الشخص على الاحتفاظ بحاسوبه القديم لأن البرنامج لم يعد يطور ولا يمكنه أن يعمل على الحواسيب الجديدة، ولدينا حالة منتشرة هنا تتمثل باحتفاظ الناس بحواسيب قديمة من نوع ماكنتوش لكي يشغلوا برنامج هيابركارد.
بالطبع هناك الكثير من الناس يحتفظون بحواسيب ماكنتوش لأسباب أخرى، لكنني أركز هنا على من يفعل ذلك لكي يشغل برنامج هايبركارد، هذا البرنامج الذي سبق أن كتبت عنه هو عبارة عن بيئة برمجة بسيطة جداً يمكن أن تجعل أي شخص يبرمج برامجه الخاصة.
الناس يستخدمون الحاسوب اليوم كآلة حاسبة كبيرة الحجم أو آلة كاتبة غالية الثمن، لكن البرمجة تجعله أكثر من مجرد آلة حاسبة أو كاتبة، وقد كانت الحواسيب في الماضي تأتي مع لغات برمجة وكتيبات برمجة، وكانت مجلات الحاسوب توزع البرامج وتكتب عنها وتحللها وتنظم مسابقات لأفضل برامج الهواة وكان الناس يتبادلون هذه البرامج بشتى الطرق المتوفرة لهم.
أين نحن من كل هذا اليوم؟ نعم يستطيع المرء منا أن يبحث عن كتب برمجة ولغات برمجة ويبدأ في التعلم والإنتاج، لكن هذا ليس بكاف، تصور أن حاسوبك يأتي مع لغة برمجة جاهزة عندما تقوم بتشغيله ويأتي أيضاً مع كتيبات مفصلة سهلة الفهم تعلمك البرمجة، ألا يشجعك ذلك على محاولة إنتاج برنامج تحتاجه بدلاً من استهلاك برامج الآخرين؟
لدي يقين بأن الناس يمكنهم البرمجة وهايبركارد دليل على ذلك، في هايبركارد لا يحتاج الشخص العادي إلى أن يدخل في تعقيدات لغات البرمجة فكل شيء ينجز من خلال واجهة استخدام سهلة، وإذا أراد إضافة خصائص متقدمة فهناك لغة برمجة سهلة وتتكون من كلمات إنجليزية سهلة لا من رموز وأوامر غريبة.
من يقرأ عن قصص الناس مع هذا البرنامج يستغرب من تنوع إنجازاتهم، فهناك من قام ببرمجة نظام إدارة عيادة أسنان بالكامل وهو طبيب أسنان وليس مبرمجاً، هناك من قام ببرمجة قواعد بيانات وبرنامج نشر على الويب وبرامج محاسبة وألعاب وغيرها.
للأسف شركة أبل لم تطور البرنامج ثم أوقفت بيعه، ومن يملك نسخة قديمة منه يستطيع تشغيلها على أي حاسوب من حواسيب أبل ما دام أنه يعمل بمعالجات PowerPC التي تخلت عنها أبل قبل عام لصالح معالجات من شركة إنتل.
وللأسف أيضاً لم تقم أبل بطرح البرنامج برخصة حرة تمكن الناس من تطويره وتحديثه ليتناسب مع الحواسيب الجديدة، وبذلك لم يعد هناك أي خيار لمن يريد تشغيل برامج هايبركارد سوى أن يحتفظ بحاسوب قديم من أبل أو يتخلى عنها ليبحث عن أداة جديدة، لكن مستخدمي هايبركارد يصرون على أنه برنامج متميز لا مثيل له اليوم.
دور البرامج الحرة
شركات البرمجة قد تموت وتأخذ معها برامجها التي يعتمد عليها بعض الناس، هؤلاء الناس لن يكون لديهم أي خيار سوى أن يعتمدوا على آخر نسخة من البرنامج أو التخلي عنه لصالح برنامج آخر، لكن لو أصبح البرنامج حر فيمكن لأي شخص أن يكمل تطويره، هذه إحدى مشاكل البرامج التجارية.
المشكلة الثانية تكمن في بعض الشركات التي تقتل البرامج متعمدة كما فعلت أبل مع هايبركارد، لماذا فعلت ذلك؟ لا أحد يستطيع أن يجزم بشيء هنا، والمشكلة أن الناس لا يستطيعون فعل شيء، فلا البرنامج حر ليتمكنوا من تطويره وتوزيعه ولا أبل قامت بتطويره لذلك البعض يجبر على أن يحتفظ بحاسوب قديم من أجل فقط تشغيل هذا البرنامج.
مشكلة ثالثة تكمن في صيغ الملفات، ومستخدمي مايكروسوفت أوفيس يعرفون هذه المشكلة، فبعضهم أجبر على تحديث البرنامج فقط لكي تصبح ملفاته متوافقة مع ملفات الآخرين، مع كل نسخة من أوفيس تظهر مشكلة عدم توافق النسخ القديمة من البرنامج مع النسخ الجديدة.
البرامج الحرة لا تفعل ذلك لأنها لا تحتاج إلى احتكار المستخدمين بل هي تحرص على التوافق بشكل كبير لكي تعطي الحرية الكاملة للمستخدم.
البرامج الحرة دورها أهم بكثير من مجرد أنها تكون مجانية ومفتوحة المصدر، فهي تستطيع أن تحقق الاستقرار للمستخدم والحرية من ناحية أنه لا يوجد شخص أو شركة تستطيع التحكم بمصير البرامج التي يستخدمها، بل من يفعل ذلك هو مجتمع البرامج الحرة الذي يستطيع أي شخص أن ينضم له ويشارك في تطوير البرامج.