مؤلف الكتاب هو بوب باركس، كاتب مستقل وصحفي يشارك في عدة مجلات ويركز على التقنية في كتاباته، وكتابه يتحدث عن الأدوات والتقنية.
كان العلماء والفلاسفة في الماضي يظنون أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يستخدم الأدوات، لكن تبين أن هناك مخلوقات أخرى تفعل ذلك أيضاً كالغربان والقردة، لكن الإنسان استطاع أن يطور أدواته باستمرار وينتج أدوات مهمتها فقط إنتاج أدوات أخرى، ونحن كبشر نقضي الكثير من وقتنا في استخدام الأدوات.
الكتاب يتحدث عن 91 صانعاً للأدوات، هؤلاء لا يكتفون بشراء المنتجات واستخدامها كما هي بل يسعون لتطويرها وتغييرها واستخدامها لأغراض مختلفة، وهم يستطيعون في بعض الأحيان إنتاج أدوات أفضل بكثير مما تنتجه الشركات وغالباً بسعر أرخص، وبعضهم يحول المهملات إلى أدوات مفيدة فلا يضطر لشراء شيء بل يبحث فقط عن الأجزاء التي يريدها بين كومة نفايات أو في مجمع لإعادة تدوير الإلكترونيات والمواد.
ما لم يعجبني في الكتاب أنه لم يذكر الكثير من التفاصيل، فهو خفيف من ناحية المحتوى، فكل صانع له صفحة أو صفحتان على الأكثر، لكن الكتاب يذكر أيضاً موقع الصانع إن وجد وفي مواقع هؤلاء الأشخاص وجدت تفاصيل أكثر عن كل مشروع.
من المشاريع المميزة التي وجدتها في الكتاب مشروع صناعة تيليسكوب، فكرة الجهاز نفسها ليست مميزة فالتيليسكوب اخترع قبل قرون وتطور مع الزمن، لكن المميز أن نتيجة المشروع كانت جهازاً يتفوق على الأجهزة التجارية المتوفرة في الأسواق وفي نفس الوقت يقدم صورة أوضح وبتكلفة أقل.
من صنع الجهاز؟ ثلاث فتيات يبلغن من العمر 16 عاماً! والمواد التي استخدامت كانت بدائية فهي تتكون من الورق المقوى والنايلون، أما العدسات فهم من قاموا بصناعتها! تذكر أن العدسات يجب أن تصنع بدقة متناهية، وشركات أجهزة مراقبة الفضاء لديها أجهزة عالية الدقة لنحت العدسات.
مشروع آخر يثبت أن الأدوات البسيطة الرخيصة تستطيع أن تحقق ما تفعله أدوات غالية السعر، فمثلاً قامت باحثة باستخدام طائرة ورقية وربطت بها كوباً من البلاستيك لكي تجمع عينات من الهواء وترى إن كانت تحوي أي شكل من أشكال الحياة، وقد وجدت أن الهواء في ولاية تكساس يحمل ذرات غبار من الصحراء الكبرى في إفريقيا، ووجدت أيضاً أن الحرائق لا تقتل البكتيريا وأشكالاً أخرى من الحياة، هذا يعني أن حرق بعض المناطق لتطهيرها قد لا يكون كافياً.
قارن ما قامت به هذه الباحثة باستخدام أدوات بسيطة بما فعلته إحدى المؤسسات الحكومية الأمريكية التي تنفق سنوياً 55 مليون دولار لجمع عينات الهواء وتحليلها.
آخر مثال أعرضه هنا هو مشروع لا يمكن تنفيذه بسهولة ويحتاج إلى تقنية متقدمة، المشروع هو إنتاج أشكال فنية معقدة تعتمد على الرياضيات، حقيقة من الصعب شرح هذا المشروع، لأنني لا أفهم مبادئ الرياضيات التي يعتمد عليها، كل ما أعرفه أن هذه القطع الفنية يمكن إنتاجها اليوم باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد.
بالطبع ليست كل المشاريع تنتج أدوات مفيدة، فبعضها مجرد أعمال فنية جميلة أو مجنونة، المهم هنا أن هؤلاء الصانعين يذكروننا جميعاً بأن علينا ألا نكتفي بالاستهلاك فقط دون أن نتعلم صناعة شيء، لا يجب عليك أن تتعلم الإلكترونيات والبرمجة والرياضيات لكي تصنع شيئاً، فهناك مشاريع كثيرة تحتاج فقط إلى يد ماهرة وشيء من الإبداع.