قضيت الليلة الثانية في المستشفى، هناك مريض آخر في نفس الغرفة، هذا يعني أن الإزعاج من قبل الممرضين والأطباء سيصبح مضاعفاً ولم أخطأ في ذلك، كان الممرضون يأتون بين حين وآخر لإجراء فحوصات روتينية وعندما يفعلون ذلك فإنهم يتحدثون بصوت عال كأنهم في سوق السمك، ولا أدري لماذا يتحدثون مع أبي بصوت عالي هل يظنون أن كبر سنه يعني بالضرورة أنه يعاني من مشكلة في السمع؟ أم أنه حاجز اللغة التي يجعلهم يظنون أن رفع أصواتهم سيجعل أبي يفهمهم أكثر؟
وعندما يخرج الممرض أو الطبيب أو عامل النظافة فإنهم يتركون الباب مفتوحاً، هل هذه سياسة الباب المفتوح أم ماذا؟ وبما أن الغرفة التي وضع فيها أبي قريبة من مكتب الممرضين وقريبة من الباب المؤدي إلى المصاعد فقد كان الممر أمامها مسرحاً للكثير من الناس، الصغار والكبار، النساء والرجال، كل يمشي ويرفع صوته كأنه لا يوجد أحد غيره في المستشفى، ألا يفترض أن يكون المستشفى مكاناً للراحة؟ ظننت أنني سأهرب من إزعاج الحارة المحيط بمنزلنا إلى جنة الهدوء.
لم أنم هذه الليلة أيضاً إلا ساعة ونصف أو ساعتين قبل الفجر، وجدت طريقة أنام فيها على الكرسي لكن على حساب ظهري، كان بإمكاني بسهولة النوم على الأرض لكنني أعلم أنني لن أكمل سوى دقائق قليلة قبل أن يأتي أحد الممرضين ويريني كيف أن الكرسي يمكنه أن يتمدد ليصبح سريراً، أعلم ذلك ... لا أريد المزيد من التوضيحات، دعوني وشأني!
قضيت الليل في القراءة، يقال أن القراءة في الضوء الخافت تؤذي العينين، أتعلم ذلك؟ هذا ليس صحيحاً! ما قرأته مؤخراً حول هذا الموضوع يؤكد أنه لا توجد اختبارات تؤكد أو تنفي هذه المقولة، وهناك من يرى أنها لا تشكل أي ضرر لأن العين تستطيع التكيف بسهولة مع الإضاءة.
أنهيت قراءة كتاب حول التعليم والحواسيب، ولا زلت أقرأ في كتب الفلسفات الشرقية، ما الذي يجعلني أقرأ كتباً نصفه كلام لا يمكن فهمه؟ النصف الآخر بالتأكيد فهو يستحق القراءة.
للأسف لم تجرى أي فحوصات لأبي بالأمس إلا الضغط والسكري، أتمنى لو يسرع الأطباء في عمل الفحوصات لإخراج أبي من المستشفى في أقرب وقت.
لا تنسوه من دعائكم، وجزى الله خيراً كل من راسلني أو كتب موضوعاً في مدونته حول صحة أبي.