السبت، 11 ديسمبر 2004

في المدونات العربية

كتب الأخ برجوازي عن المدونات العربية وعقب عليه الأخ عذبي وهذا تعقيبي أنثر فيه بعض الأفكار المتفرقة حول الموضوع.

الأخ برجوازي ذكر نقطة جميلة حول الحوار في المدونات العربية وقارن بينها وبين المدونات الأجنبية حيث تجد حوارات مطولة وربما حامية حول المواضيع، بينما المدونات العربية لا تجد فيها مثل هذا الحوار، بل الموافقة على ما ذكره كاتب الموضوع، بينما في الجانب الآخر وكما ذكر الأخ عذبي البعض يظن أن الاختلاف في الآراء يعني التهجم على الكاتب وتجريحه، نحن هنا بين إفراط وتفريط، ما نريده فعلاً هو الاختلاف بأدب، شخصياً أبحث عن الرأي المختلف لعلي أتعلم شيئاً منه، لكن عندما يأتي هذا الرأي المختلف بأسلوب غير أخلاقي فإنني أرفضه وأرفض صاحبه وأوقف الحوار، لأن الأدب في الحوار والأسلوب الطيب في النقاش أهم بكثير لدي من النقاش نفسه.

نقطة الانتماء التي ذكرها الأخ برجوازي مهمة جداً، لدينا الكثير من المدونات لكن بعضها يضيق على نفسه بالطرح المحلي فقط، شخصياً أحاول ألا أحصر نفسي بالإمارات، صحيح أنني كتبت كثيراً عن مشاكلنا في الإمارات لكني مؤمن بأن هذه المشاكل هي نفسها مشاكل الآخرين مع اختلاف بسيط في التفاصيل، أما باقي المواضيع فهي موجهة للجميع، وحقيقة يسعدني أن أرى تعليقات لأناس من أوروبا وأمريكا، والكثير من زوار هذا الموقع يأتون من دول غير عربية، أعتقد أن المدونات يجب أن تكون تطرح نفسها كمدونات عالمية وليست محلية فقط، فهموم الإنسان في أبعد نقطة من الأرض هي همومي أيضاً، وبالطبع هناك استثناءات، فالبعض يريد فقط أن يتكلم عن بلده ومشاكلها، ولعلنا نرى مدونات جماعية متخصصة تكتب فقط عن بلد واحد، ولا أرى مشكلة في التحدث فقط عن بلد واحد ما دام أن هناك هدفاً لهذا التخصص.

بخصوص النقاش الجماعي، أردت أن يكون موضوع الجمعيات التطوعية بداية لهذه النقاشات، أرى أن النقاش بين المواقع يزيد من مساحة تأثير هذه النقاشات، ويعطي للمواضيع فرصة أكبر لبحثها ونقاشها، ثم قد تتحول هذه النقاشات إلى واقع بطريقة ما، لعل شخصاً يقرأ النقاش فيغير أفعاله وعاداته إلى الأفضل، لعل جماعة من الناس يجتمعون لتطبيق شيء جاء في هذه النقاشات، الاحتمالات كثيرة، لذلك لنتبادل الآراء بين المواقع، ولنفتح الباب على مصراعيه لحوارات مفيدة وصريحة ومثمرة.

هناك نقاط مهمة يجب ألا ننساها عند الحديث عن المدونات العربية، في البداية المدونة موقع شخصي في النهاية يعكس اهتمامات الإنسان، لذلك من الطبيعي أن يتحدث كل شخص عن بلده، النقطة الثانية هي انتشار الإنترنت في العالم العربي، لا زلنا متأخرين كثيراً في هذا المجال، والأسباب كثيرة، فهناك ملايين الأميين، وهناك الفقراء الذين لا يستطيعون التفكير بشراء الكمبيوتر لأنه من الكماليات بالنسبة لهم، فالغذاء والملبس والمسكن أهم من كل شيء آخر والحاسوب لمثل هؤلاء الناس ترف زائد عن الحاجة، قد يتمنى أحدهم لو يشتري حاسوباً له أو لأبناءه لكن قلة ذات اليد لا تسمح له بذلك.

ولا يجب أن ننسى الأوضاع السياسة في بلداننا، القمع يمارس من الأعلى إلى الأسفل وعلى مستويات عديدة والأمر نسبي، ففي بعض الدول هناك سقف حرية أكبر، وفي دول أخرى لا يستطيع المرء حتى انتقاد أداء وزارة أو مؤسسة حكومية أو التحدث عن بعض السلبيات التي لها علاقة بأي مؤسسة حكومية، مثل هذا القمع يكبت أنفاسنا ويقتل التفكير الخلاق، والقمع قد يأتي من الناس أنفسهم لا من الحكومات، ناقش قضية شائكة صعبة وستجد أن الناس يحاولون قتل أفكارك ووقف الحوار في هذا الموضوع لأنهم لا يوافقونك الرأي، هذا قمع أيضاً، لهذا أفهم لماذا البعض يخشى من إنشاء موقع شخصي له يدون فيه أفكاره.

إن أردنا أن نطور واقع المدونات العربية فعلينا أن نصبر، الصبر لوحده جزء من الحل، واقع اليوم هو ما كنت أحلم به يوماً ما عندما كنت أقرأ لأول مرة المدونات الأجنبية، فلا تستعجلوا النتائج، وبالتأكيد علينا أن ننتقد ونتبادل الآراء ونتحاور، والأهم من كل ذلك علينا أن نلتقي في أرض الواقع، لا أخفي عليكم رغبتي في لقاء الأخ برجوازي والأخ عذبي في الكويت والأخ ياسين في فنلندا وحرباز في السعودية وكل الإخوة الذين لم أذكر أسماءهم، أريد أن أسافر إليهم وألتقي بهم في جلسة حوار نتناقش فيها عن كل شيء، لا أدري متى سأفعل ذلك، لأنني الآن غير قادر على تحمل تكاليف السفر، لكن بإذن الله سنلتقي وسنكتب عن هذه اللقاءات في مواقعنا ونضع صوراً أيضاً لهذه اللقاءات :-).

يتبع: تعقيب على مقالة الأخ أسامة.