السبت، 21 أبريل 2007

تميز الموقع في تفاصيله

التصميم ليس مجرد ألوان وأشكال بل هو تجربة كاملة، هذا هو ما أعنيه بالتصميم، عندما تركب سيارة فخمة غالية الثمن ستجد أنها لا تختلف عن أي سيارة رخيصة، فكل السيارات لها أربع إطارات ومحرك ومجموعة من المقاعد وأدوات أخرى لقيادة السيارة أو للترفيه، لكن ما الذي يجعل سيارة مثل أستون مارتن دي بي 9 تختلف عن سيارة مثل كورفيت؟ التفاصيل الصغيرة.

كلاهما سيارة رياضية بمحرك أمامي ودفع خلفي وكلاهما تحويان مقعدين فقط، لكن دي بي 9 في رأيي الكثيرين وأنا منهم هي أجمل سيارة في العالم، التفاصيل الصغيرة هي التي تميز هذه السيارة، جودة المواد المستخدمة في بناءها وطريقة تركيب أجزاءها وحتى إحساس المرء عند ركوب مثل هذه السيارة كلها أشياء تجعلها متميزة عن غيرها، النقطة الأهم هنا أن كل سيارة لها شخصية مختلفة.

ما علاقة كل هذا بالمواقع؟ شخصياً لا أرى فرقاً كبيراً هنا فالمواقع يجب أن تكون متميزة في التفاصيل الصغيرة لأن معظم المواقع هي في الحقيقة متشابهة، فمعظمها يصمم بنفس الأسلوب تقريباً من ناحية توزيع المحتويات على الصفحات والأقسام، ومعظمها يضع نظاماً للتصفح وشعاراً في مكان واحد، ولذلك أصبحت المواقع أكثر سهولة من ناحية تصفحها لأن الناس اعتادوا على أنماط متكررة تظهر لهم في كل موقع.

التفاصيل هي التي تجعل المواقع تختلف عن بعضها البعض، أعني بالتفاصيل هنا أسلوب الكتابة مثلاً، الألوان والأشكال، التعقيد أو التبسيط، التجربة التي يمر بها الزائر عندما يريد أن يراسل المسؤول عن الموقع أو يشتري بضاعة، هل يجد الزائر أي صعوبة في فعل ذلك أم أن الموقع سهل الاستخدام؟ كل هذه التفاصيل وغيرها هي التي تجعل لكل موقع شخصية مختلفة.

بالطبع هناك مواقع كثيرة لا شخصية لها فكلها متشابهة حتى لو اختلفت الألوان والأشكال، خذ مثلاً المنتديات سواء العربية أو الأجنبية، قليل من المنتديات تتميز بشخصية مختلفة، والكثير منها لا يختلف عن بعضها البعض في شيء، فهي تحوي نفس الأقسام ونفس التصاميم ولا أرى مشكلة إن قلت أنها تحوي نفس المواضيع! فكل منتدى ينقل من الآخر وهكذا ندور في حلقات متكررة نسميها "منقول" كل حلقة تدور لأيام أو أسابيع في المنتديات وفي البريد الإلكتروني ثم تموت، لكنك تفاجئ بعد سنوات أن بعضها يعود للحياة ليكرر نفس الدورة مرة أخرى.

التكرار والتشابه والتقليد، كلها خصائص لمواقع لا تقدم فائدة ولا تجعلنا نتقدم خطوة للأمام بل على العكس تأخر التقدم فالجهود والأموال والأوقات تضيع في مواقع غير مفيدة.

على أي حال، لنفترض أنك مطور مواقع تكسب رزقك من تصميم مواقع الآخرين، وأنك تقوم فقط بتطوير مواقع مفيدة ذات هدف، كيف يمكنك أن تقوم بتطوير مواقع ذات شخصية متميزة مختلفة عن غيرها؟ الجواب بسيط من الناحية النظرية، عليك أن تخطط قبل أن تنفذ.

كيف تفعل ذلك؟ هنا المشكلة، ليس هناك طريقة محددة لكي تخطط فلكل شخص طريقته الخاصة وبما أنني لا أملك خبرة عملية هنا سأكتب فقط ما عرفته من المصادر التي قرأتها، لدي معرفة نظرية لا عملية، لذلك عليك أن تطور أسلوبك الخاص وتعرف ما يناسبك، ثم شارك الآخرين بخبراتك العملية، هكذا فقط يمكننا أن نطور أنفسنا.

حسناً، كيف يمكننا أن نخطط للموقع؟

بعيداً عن الحاسوب

قبل أن تكتب أي سطر لتطوير موقع جديد عليك أن تفهم أهداف الموقع وما سيحققه، لنتصور أن مؤسسة تطوعية في مجال البيئة طلبت منك إعادة تصميم موقعها القديم، عليك أولاً أن تفهم هذه المؤسسة وأهدافها وما أنجزته في الماضي وتعرف أنشطتها الحالية، عليك أن تقرأ إصداراتها الرسمية من كتب ومجلات ومنشورات وحتى الموقع القديم نفسه، ربما عليك أن تذهب أبعد من ذلك لكي تثقف نفسك حول البيئة والقضايا التي تهتم بها المؤسسة وتتحدث مع المتطوعين والأعضاء وربما تشارك في أحد أنشطتهم.

دراسة المنافسين

قد تسأل نفسك: من الذي ينافس مؤسسة تطوعية؟ لا تضيق مفهوم المنافسة بالمؤسسات التجارية فكل موقع سواء كان شخصياً أو موقع مؤسسة له منافسون، فابحث عن المنافسين وادرس مواقعهم، ما الذي يميزها؟ ما هي سلبياتها؟ هل صعبة الاستخدام؟ ما الذي أعجبك فيها؟ قم بدراسة كل شيء تراه مهماً لكن احذر من أن يصبح أحد مواقع المنافسين هو المعيار لديك، فما يجب أن تفعله هو أن تطور شيئاً يتفوق على كل هذه المواقع، يجب تتجنب الأخطاء التي وقع فيها المنافسون وتميز الموقع بخدمات أو بمحتويات مختلفة.

المحتويات والخدمات

ما هي المحتويات والخدمات التي يجب أن تضعها في الموقع؟ يبدو سؤالاً بسيطاً والإجابة عليه في بعض الأحيان أبسط: سنضع كل شيء! لكن هذه إجابة خطيرة لأنها تعني أن الموقع لا هدف له وأن التخطيط له يسير في الاتجاه الخاطئ.

المحتويات والخدمات التي توضع في أي موقع يجب أن تحقق أهداف المؤسسة وتلبي حاجات الزائر، يمكنك أن تعرف وتستكشف أهداف المؤسسة بأن تلتقي بالمدراء والموظفين والمتطوعين وتسألهم عن الأهداف التي يظنون أن على الموقع تحقيقها، أما الزوار فعليك أن تسألهم وتستكشف ما يريدون، في الكثير من الأحيان الناس سيخبرونك بأشياء لا يفعلونها فراقبهم عن طريق إحصائيات الموقع وحاول أن تعرف ماذا يريدون من الموقع.

في بعض الأحيان عليك أن تنقل رؤية الزائر إلى الإدارة أو الشخص المسؤول عن الموقع لأن اختلاف وجهات النظر قد يتسبب في تطوير موقع لا يلبي حاجات الزائر أو المؤسسة، فالمسؤول قد يظن أن هذه الخاصية أو هذه المحتويات غير ضرورية على عكس الزائر الذي يراها الأكثر فائدة والأكثر أهمية.

الاستكشاف

من المفترض هنا أنك تعرف الأهداف التي يجب أن يحققها الموقع وماذا عليك أن تضع فيه من خدمات ومحتويات، بعد ذلك تأتي مرحلة الاستكشاف وهي أن تحاول ابتكار طرق جديدة لعرض المحتويات والخدمات، هل يمكنك أن تبتكر أساليب مختلفة؟

من المفترض في هذه المرحلة ألا تقلق من إمكانية تنفيذ الأفكار وكل ما عليك فعله هو ابتكار الأفكار سواء كانت معقولة أو غير معقولة، عملية أو غير عملية، كل هذا غير مهم في هذه المرحلة، المهم أن تبتكر.

بعد أن تنتهي من عملية الابتكار عليك أن تعود للواقع وترى ماذا يمكنك أن تنفذ من كل هذه الأفكار.

التصميم المبدئي

لم يحن الوقت بعد لكي تقفز إلى برنامج التصميم، خذ ورقة وقلماً وقم بتصميم الموقع سريعاً، ارسم تصاميم مختلفة تبين توزيع محتويات الصفحات وما ستحويه بعض الأقسام، يمكنك في هذه المرحلة أن ترسم أفكاراً مختلفة وتختار الأفضل من بينها.

يمكنك أن تستعين بالحاسوب لكن ليكن التصميم مبدئياً لا تفاصيل فيه، فلا ألوان ولا أشكال محددة، بل مساحات بألوان محايدة تبين ماذا ستضع في كل مساحة، قم بعمل أكثر من تصميم ثم اجمع أفضل الأفكار في تصميم واحد.

الخطوط والألوان والزخارف

هذه المرحلة هي ما يعنيه البعض بالتصميم، وهي في الحقيقة جزء صغير من التصميم، عليك أن تختار ألوان الموقع، وهي في الغالب ستكون مستوحاة من ألوان شعار المؤسسة أو من مجال عملها، فمؤسسة البيئة مثلاً قد يكون لون موقعها الأساسي هو الأخضر أو الأزرق أو ألوان مستوحاة من الطبيعة، ولو كنت تصمم موقعاً لمؤسسة متخصصة في الاستشارات القانونية فربما تكون الألوان رسمية هادئة ومحايدة مثل الرمادي والأسود والأبيض ودرجات من الأزرق.

الذوق الشخصي هنا يلعب دوراً كبيراً، فما تراه جميلاً قد لا يراه الزبون كذلك، وما يراه الزبون جميلاً قد لا يراه الزائر كذلك، المشكلة هنا أنك لن تستطيع إرضاء كل الأطراف، فحاول أن تجعل الموقع جميل الشكل عموماً وسهل القراءة والاستخدام ومتميزاً بشخصيته ولا تلتفت بعد ذلك للانتقادات التي تقول "لم يعجبني هذا اللون أو هذا الشكل" لكن إن قال أحدهم لك: "أجد صعوبة في قراءة محتويات الموقع" فعليك أن تفكر جدياً في ما قاله.

إقرأ أيضاً:

كلمة أخيرة

الروابط التي وضعتها أعلاه تحوي الكثير من التفاصيل المهمة وهي أكثر من كافية لأن تشغلك لساعتين أو أكثر، هذا الموضوع على ما كتبت فيه لم يغطي كل شيء، فهناك تفاصيل كثيرة أثناء عملية التخطيط للموقع وبعض المواقع تتطلب تخطيطاً بتفاصيل أكبر وبعضها قد يحتاج إلى وقت طويل لكي تخطط له.

المهم هنا هي الرسالة العامة: خطط للموقع لكي تجعله متميزاً ومختلفاً عن غيره وتذكر أن التميز هو أن يكرهك بعض الناس! فلا تحاول إرضاء جميع الناس بل تميز في إرضاء بعضهم.