أشار أحد زوار هذه المدونة في رسالة أنني قلت في موضوع سابق وهو "ماذا يقصدون بويب 2.0؟" بأن مصطلح ويب 2.0 يعتبره البعض مصطلحاً تسويقياً وأنني لا أعتبره كذلك، لكنني قلت أنه مصطلح تسويقي في مقدمة هذه السلسلة، فهل هذا تناقض؟
بالطبع لا، هناك عام ونصف تقريباً بين الموضوعين، وهذه مدة طويلة جداً في عمر الشبكة العالمية، ففي أشهر قليلة تحدث أشياء كثيرة وتتغير أشياء كثيرة، في الماضي كانت الكثير من مواقع ويب 2.0 تسوق نفسها بأسلوب مختلف، لم تكن تستخدم هذا المصطلح وتفتخر بأنها من هذا النوع من المواقع، أما اليوم فهناك مواقع كثيرة تستغل المصطلح لتسوق لنفسها حتى وإن كانت بعيدة كل البعد عن ويب 2.0، لذلك أقول بأنه مصطلح تسويقي الآن.
لنأتي إلى موضوعنا، ماذا يعني فصل المحتويات عن العرض؟ هذه قصة طويلة، لنعد إلى الوراء عشرة أعوام، حرب المتصفحات على أشدها والضحايا هم عامة الناس لأن الشركات المتنافسة كانت تهتم بمصالحها وتقدمها على مصالح الناس، كانت الشركات تسعى لاحتكار سوق سيغير عالم الحواسيب جذرياً بعد سنوات أو عقود، سيصبح الحاسوب مجرد جهاز واحد من بين عدة أجهزة يمكن استخدامها للوصول إلى المعلومات، ستصبح أنظمة التشغيل مجرد برامج ثانوية فلا يهم إن استخدمت هذا النظام أو ذاك، المهم أن يكون لديك متصفح ولهذا كانت حرب المتصفحات، نتيجة هذه الحرب هي تأخر ما نراه اليوم ونسميه ويب 2.0 عدة سنوات.
ما الذي تغير اليوم؟ الذي تغير هو أن المواقع بدأت تستخدم المعايير القياسية وتقنيات أخرى جعلت المحتويات مفصولة عن العرض، ماذا يعني ذلك مرة أخرى؟ بمعنى أن المحتويات في موقع ما يمكن عرضها بأشكال وتصاميم مختلفة، يمكن تغيير تصميم الموقع وستبقى المحتويات كما هي، بعض المواقع توفر نسخاً مختلفة من التصميم، فهناك تصميم عام لمعظم الناس، وهناك تصميم آخر بخطوط كبيرة وألوان ذات تباين عالي لمن يعاني من ضعف في البصر، والمحتوى في التصميمن هو نفسه لا يتغير.
ربما لم تتضح الصورة بعد، أكمل القراءة ولعلك تصل إلى الفكرة التي أريد أن أشرحها هنا.
هناك اليوم تقنية تسمى RSS وقد تأتي بأسماء مختلفة، هذه التقنية توفر الوقت والجهد وبشكل رائع، فبدلاً من أن تزور المواقع التي تتابعها كل يوم يمكن للمواقع أن تأتيك بجديدها عندما تطرح هذا الجديد، كيف تفعل ذلك؟ من خلال قارئ RSS وهو عبارة عن برنامج يمكنك أن تستخدمه في جهازك أو خدمة في شبكة الويب، شخصياً أستخدم غوغل ريدر لمتابعة أكثر من 100 موقع، لو زرت كل هذه المواقع وقضيت في كل منها خمس دقائق فقط فهذا يعني أنني سأقضي ما يقرب من ثمانية ساعات ونصف فقط لتصفحها.
إذا كنت تريد استخدام غوغل ريدر فهناك درس جيد في مدونة علوش، وشاهد شرحاً مصوراً لمفهوم RSS.
كيف يعمل قارئ RSS؟ من خلال هذا البرنامج تستطيع أن تشترك في المواقع التي تريد متابعتها، والاشتراك هو أن تبحث عن رابط ملف RSS وتضعه في برنامج قارئ RSS الذي بدوره سيقوم بجلب آخر محتويات الموقع، لاحظ أن المحتويات لن تأتيك مع تصميم الموقع، فلن تشاهد شعاراً وإعلانات ومحتويات جانبية وزخارف مختلفة، كل ما ستشاهده هو المحتوى فقط.
كتبت قبل ما يزيد عن عام سلسلة مواضيع بسيطة عن RSS:
من خلال RSS يمكنك أن تتابع محتويات المواقع على اختلافها، النصوص والصور وملفات صوتية وفيديو، حتى المواعيد والأعمال التي يجب عليك إنجازها وأي معلومات تريد متابعتها، هذا لم يكن ممكناً في الماضي، ففي ذلك الوقت كانت محتويات الموقع مرتبطة بشكل تام بالتصميم، وإذا أردت أن تستفيد من المحتويات فعليك أن تزوره باستخدام نظام معين وفي الغالب ويندوز وباستخدام متصفح معين وفي الغالب إكسبلورر أو نيتكسيب، ثم أصبحت الهيمنة لإكسبلورر وحده، وهذا يعني أن عليك أن تستخدم الحاسوب فقط لتصفح المواقع فلا يمكنك فعل ذلك بالهواتف النقالة.
اليوم مع فصل المحتويات عن الشكل أو التصميم يمكنك الوصول للمعلومات بأي برنامج وبأي نظام تشغيل وبأي جهاز، حتى من فقد البصر يمكنه تصفح الشبكة بأجهزة خاصة تقرأ له محتويات المواقع، هذا لم يكن ممكناً في الماضي.
هناك ميزة أخرى لفصل المحتويات عن العرض، ميزة تجعله مفيداً بشكل أكبر، وهي أن أي شخص الآن يستطيع دمج محتويات مختلفة من مواقع مختلفة في موقع أو برنامج واحد، فمثلاً يأخذ الخرائط من خدمة غوغل للخرائط والفيديو من خدمة يو تيوب والصور من خدمة فليكر، ما فائدة هذا الدمج بين المحتويات؟ هناك احتمالات لا متناهية ... فكر قليلاً قبل أن تكمل القراءة، ماذا يمكنك أن تفعل بهذه الخدمات لو دمجتها في خدمة واحدة؟ إليك هذه الأفكار:
- مؤسسة بيئية تستطيع أن تبين أماكن تكاثر الطيور والحيوانات وتربط بين الخرائط وصور الطيور وكذلك تعرض مقاطع فيديو، أو ربما تستغل هذه المحتويات لتنبيه الناس إلى مخاطر التلوث والجرائم التي يمارسها البعض ضد البيئة.
- الترويج للسياحة.
- دروس في التاريخ والجغرافيا.
- العمل الإغاثي في حال وقوع كوارث بيئية.
هذه مجرد عينة صغيرة من الأفكار، ولو نظرت إلى مواقع وخدمات أخرى ستجد المزيد من الأفكار المفيدة، هذا الدمج بين محتويات المواقع المختلفة يسمى Mashup.
تلخيص
إحدى مميزات مواقع ويب 2.0 أو دعوني أقول الميزة الأساسية لمواقع ويب 2.0 أنها تفصل المحتويات عن العرض أو عن التصميم، فيمكن عرض هذه المحتويات بتصاميم مختلفة، ويمكن قراءتها من خلال برامج مختلفة، فلم يعد المتصفح وحده هو البرنامج الذي يمكنك أن تستخدمه للاستفادة من محتويات المواقع، وهذا الفصل بين المحتويات والعرض يسمح للناس أو لمواقع أخرى بدمج المحتويات والخدمات والخروج بشيء مفيد.
أسئلة لمطوري المواقع:
- هل طورت موقعك باستخدام المعايير القياسية؟
- هل تستخدم تقنية RSS أو ما يماثلها؟
- هل تستفيد في موقعك من خدمات مواقع أخرى؟
سؤال لعامة الناس: هل تستخدمون تقنية RSS؟ ولماذا؟
لا زال في الموضوع بقية، هناك الجانب القانوني وهناك جانب متعلق بمطوري المواقع، وأخيراً هناك أمثلة أريد التحدث عنها يمكنها أن تقرب الصورة أكثر لاهمية فصل المحتويات عن العرض.
هل شرحت الموضوع بشكل جيد؟ لا أدري لماذا أشعر بأنني لم أفعل ذلك.